الصحة المستدامةالصحة النفسية

كيف يؤثر الدوبامين على السلوك العدواني؟ دراسة تكشف مفاجآت جديدة

لطالما ارتبطت مستويات الدوبامين في الدماغ بالسلوك العدواني، لكن دراسة جديدة نشرتها مجلة Nature العلمية تكشف أن هذه العلاقة قد لا تكون ثابتة كما كان يُعتقد. وفقًا للبحث، فإن تأثير الدوبامين على العدوانية يكون في ذروته خلال المواجهات الأولى، لكنه يتراجع تدريجيًا مع اكتساب الخبرة والانتصارات المتكررة، مما يعيد النظر في فهمنا للسلوك العدواني عند الذكور.

الدوبامين والتحفيز الأولي للعدوانية

تمامًا مثل البشر، تتنافس الفئران على الموارد وتكتسب الثقة في قدراتها القتالية مع تكرار المواجهات. كشفت الدراسة أن الدوبامين يلعب دورًا أساسيًا في تحفيز العدوانية في المراحل الأولى، حيث لاحظ الباحثون أنه عند تعزيز نشاط الدوبامين في دماغ الفئران الصغيرة، تضاعف اندفاعها نحو السلوك العدواني. وعلى العكس، عند تثبيط نشاط الدوبامين، تراجعت الفئران عن القتال تمامًا.

عندما يصبح الفوز محفزًا بديلاً للدوبامين

المفاجأة كانت أن الفئران التي خاضت معارك متكررة وحققت انتصارات عديدة، لم تعد بحاجة إلى الدوبامين لدفعها نحو السلوك العدواني. لم تعد مستويات الدوبامين ترتفع عند المواجهة، ما يشير إلى أن السلوك العدواني أصبح متجذرًا بفعل الخبرة، وليس بسبب التحفيز الكيميائي في الدماغ.

الفرق بين الذكور والإناث

كشفت الدراسة أيضًا عن فرق جوهري بين الجنسين، حيث لم يظهر لدى الإناث نفس التأثر بمستويات الدوبامين، ولم يكن لهذه المادة أي دور في تحفيز العدوانية لديهن، مما يؤكد أن العوامل البيولوجية تلعب دورًا مختلفًا بين الذكور والإناث في هذا السياق.

انعكاسات على العلاج النفسي

تشير هذه النتائج إلى أن استهداف الدوبامين كوسيلة لعلاج السلوك العدواني قد يكون غير فعال للأشخاص الذين لديهم تاريخ طويل مع العدوانية. وبالتالي، يحتاج الأطباء إلى مراعاة العمر، التاريخ السلوكي، والجنس عند وضع استراتيجيات العلاج.

تأثير الأدوية على المدى الطويل

تفسر الدراسة أيضًا سبب فقدان بعض الأدوية المضادة للشيزوفرينيا فعاليتها مع تقدم العمر، إذ يبدو أن السلوك العدواني يصبح مترسخًا لدى البالغين بغض النظر عن مستويات الدوبامين، مما يستدعي تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تعتمد على تعديل السلوك بدلاً من التركيز فقط على التأثير الكيميائي.

في حين كان يُعتقد أن الدوبامين هو المفتاح الأساسي للسلوك العدواني، توضح هذه الدراسة أن الخبرة والانتصارات المتكررة يمكن أن تحل محله كمحفز رئيسي. هذا الاكتشاف قد يغيّر طرق التعامل مع العدوانية، خاصة في المجالات النفسية والعلاجية، حيث يصبح من الضروري التركيز على تاريخ الشخص وخبراته بدلاً من مجرد التلاعب بالكيمياء العصبية.

زر الذهاب إلى الأعلى