كتاب “الإكسير”.. أَنْسنةِ غُرفةِ العَملِياتِ وجِهازِ التَّخدِير
“الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج”.. الكتاب الذي بين أيدينا, كِتابةٌ تَجمَعُ بَينَ تَجارِبَ خاصَّةٍ للمؤلف وأُخرَى عامَّة، فِيها تَسريباتٌ لأسرارِ مَعبدِ البِنجِ وإِشارةٌ إِلى أُخرَى، يَخلَعُ فِيها الطَّبيبُ البالطو الأَبيضَ لِلكَهنةِ وأَنصافِ الآلِهةِ ويَتحدَّثُ لُغةَ الفَانِين”.
يَتناوَلُ هَذا الكِتاب العَلاقةَ الإِنسانِيةَ فِي الشَّأنِ الطِّبيِّ بِطَريقةٍ أَدبيَّة، ويَسعَى إلى “أَنْسنةِ” غُرفةِ العَملِياتِ، وجِهازِ التَّخدِير، وغَازاتِ التَّخدِير، كَما يُسلِّطُ الضَّوءَ عَلى كَيفِيةِ الاسْتِفادةِ مِن مِيراثٍ إِنسَانيٍّ طَويلٍ مِنَ الحِكَايَاتِ والأَساطِير، قَاوَمَ بِه الإِنسانُ الخَوفَ والمَجهُول؛ فهُوَ عَرْضٌ لِتارِيخِ التَّخدِيرِ بِدايةً مِنَ الإِنسانِ البُدائِي، مُرورًا بالحَضارَاتِ القَدِيمة؛ مَعَ عَرضٍ لِتقْنِياتٍ غَايةٍ فِي الغَرَابة، وُصولًا إِلى الاكْتِشافَاتِ الحَدِيثةِ فِي هَذا المَجَال، مَعَ نَظرةٍ تَصَوُّريةٍ لِما سَيكُونُ عَلَيهِ التَّخدِيرُ فِي المُستَقبَل. ولَا يَخلُو الكِتابُ مِن سَردٍ لِتجرِبةِ المُؤلِّفِ الشَّخصِيةِ فِي هَذا المَجالِ مِن وَاقعِ دِراسَتهِ الأَكادِيمِية.
موضوعات الكتب
يقول المؤلف الدكتور أحمد سمير سعد فى مقدمة الكتاب:
مؤخَّرًا ظهر الكثير من الكتابات المَعْنِية بالشأن الطبي وبعلاقة الطبيب بالمرضى والمؤسَّسةِ الصحية والنظامِ الصحِّي، إلا أنَّ جُلَّ هذه الكتابات ارتكنَتْ إلى الجانب الفكاهي الهزلي في كوميديا كانت سوداءَ في كثيرٍ من الأحيان، خاصةً في ظلِّ عجْزٍ هائل بين ما يجب أن يُنفَق على الخدمات الصحية وبين ما يُنفَق بالفعل، وفي ظلِّ غيابِ قانونٍ يَحكم العلاقةَ بين الطبيب والمرضى والمؤسَّسة، وفي انتهاكٍ واضح لكود أخلاقي من العُرف والتقاليد كان قائمًا في النفوس لسنوات، ولكنه تحتَ ضغط العَوَز وسيطرة قوانين الغابة الأولى تم هتكُه تمامًا ليَستحيل الأمرُ إلى كارثةٍ كبرى، نقَلَها البعض في شكلٍ كوميدي محاولًا التعافِيَ من آثارها المدمِّرة له نفسيًّا وجسديًّا، ومُحاولًا إضافةَ قشرةٍ من السُّكَّر لدى نقْلِها للآخرين، بينما نقَلَها البعضُ في شكلها الفجِّ الصادم.
يستطرد المؤف: بعضُ هذه الكتابات كان مَعْنيًّا برفع درجة الوعي الصحي؛ فجاء كنشرات طبية، تَسرد تصنيفاتٍ للأمراض والأعراض والفحوص وطرُق الوقاية والعلاج، في مجهودٍ محمودٍ كذلك.
يقول المؤلف: أدَّعِي أن هدفي مُغايِر، وأنَّ ما أحاول كتابتَه وتسليطَ الضوء عليه مختلف؛ هذه كتابةٌ تَهتم بأَنْسَنة الأشياء؛ فكلُّ نشاط — حتى ولو ادَّعى البعضُ كوْنَه ميكانيكيًّا أو محكومًا بقوانينَ وأبحاثٍ جامدة — هو في الأصل فعلٌ إنساني وعلاقةٌ إنسانية.
فما بالك لو كان الحديث عن الطبِّ والأطباء والمرضى، ولحظاتٍ من الضَّعْف والسموِّ والشَّجَن والمِحْنة والكفاح.
هذه كتابةٌ تسعى لأَنْسَنةِ غرفةِ العمليات وجهازِ التخدير وغازاتِ التخدير، تسعى لتحويل ما يعتمل في الصدور إلى كلماتٍ وجُمَل، تسعى للاستفادة من ميراثٍ إنساني طويل من الحكايات والطُّرَف والأساطير، قاوَمَ بها الإنسانُ الظلامَ والخوف والمجهول.
هي كتابةٌ تَجمع بين تجارِبَ خاصةٍ لي وأخرى عامة، فيها تسريباتٌ لأسرارِ مَعبَد البنج وإشارةٌ لأخرى، يَخلع فيها الطبيب «البالطو» الأبيض للكهنة وأنصاف الآلهة، ويتحدَّث لغةَ الفانِين، لا يَكتم ما يخشاه ولا يَتظاهر بقُوًى سحرية لا يملكها، وتتجلَّى في المرضى عَظَمةُ الإنسان المقاوِم رغم الوَهَن، والقابض على الأمل في شجاعةٍ مهما ضاقَتِ الدنيا عليه بما رَحُبت.
هذه كتابةٌ لا تَستدِرُّ الدموعَ ولا تُتاجِر بالألم، ولا يعنيها أن تُنتِج تعاطفًا مع فئةٍ أو جماعة، هي فقط تسعى لغايةٍ أَسْمَى؛ أن تُلقِي ولو بصيصَ ضوءٍ على تلك العلاقات الغيبية التي تحكم هذا العالَم، ذلك الميثاق الذي ربما لا يدركه أحدٌ خارجَ تلك العوالم، ويَتعامل معه مَن هم داخل تلك العوالم باعتباره مُسلَّمة وأمرًا معتادًا، فلا يَستشعِرون ما فيه من جمال.
هي رحلةٌ أتمنَّى أن تكون مُمتعةً، ولن أُطيل عن ذلك، فإلى المتن.
من عناوين الكتاب:
( أحلام تحت تأثير المخدِّر / وليام مورتون؛ بزوغ شمس التخدير / سعاد نصر؛ التخدير دومًا متهم / أن تكون طبيبًا للتخدير/ أكسيد النيتروز؛ غاز/ الضحك والانتشاء / جرعة بنج زائدة / مستقبل البنج)
عن المؤلف
حاصل على ماجستير التخدير والرعاية المركزة وعلاج الألم، قسم التخدير، كلية الطب، جامعة القاهرة عام ٢٠١٢، ودكتوراه التخدير والرعاية المركزة وعلاج الألم، قسم التخدير، كلية الطب، جامعة القاهرة عام ٢٠١٦. يعمل مدرسًا مساعدًا بقسم التخدير بمستشفى قصر العيني بكلية طب جامعة القاهرة، وهو عضو اتحاد كتَّاب مصر.
للمؤلف عدد من الأعمال الأدبية، منها: رواية “سِفر الأراجوز”، و”تسبيحة دستورية” (نص أدبي)، والمجموعة القصصية “الضئيل صاحب غيَّة الحمام”، ورواية “شواش”، والمجموعة القصصية “طرح الخيال”. ومن أعماله أيضًا كتاب “لعب مع الكون”، وهو كتاب في العلوم وفلسفتها نُشر عام ٢٠١٧، ورواية “المزين” التي صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام ٢٠١٧. وله كذلك عددٌ من المقالات العلمية والأدبية والقصص المنشورة في عدد من الدوريات والمواقع الإلكترونية.
حصل على المركز الثالث في المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة، فرع القصة القصيرة، عام ٢٠٠٩؛ والمركز الثاني في مسابقة لجنة الشباب لاتحاد الكُتاب، دورة عبد المنعم شلبي، فرع القصة القصيرة، عام ٢٠١٤.