الدمج والإعاقة

قصص إنسانية ملهمة

تنفذ منظمة الأمم المتحدة، من خلال صناديقها وبرامجها ووكالاتها المتخصصة، أنشطة لتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم، وفى هذا الإطار عرض موقع اليونسكو مجموعة من القصصة الإنسانية الملهمة، وكان منها قصة: “أشرف” ذلك الفتى السوري الضرير الذي يتطلع لتحقيق أحلامه فى تركيا، وكذلك “خليل الصفوري” الذي لم يمنعه ضعف البصر من تحقيق أحلامه – على حد قوله.

هذه القصص وغيرها لم تكن بمنأى عن مجهودات مركز الملك سلمان للإغاثة، وبفضل الجهود التي قدمها استطاعت “الأونروا” فتح أبواب مدارسها المنتشرة في الشرق الأوسط والبالغ عددها 711 مدرسة في الوقت المحدد لجميع طلابها وطالباتها.

المفوضية تساعد فتى ضريرًا على التطلع لأحلامه

يقول أشرف: إنّ كل شخص نزح عن دياره وأجبر على التحوّل إلى لاجئ ينظر إلى الحياة كصراع: “عندما تأتي إلى بلد جديد، تشعر وكأنّ الجميع فاقد بصره”.

لا يتمتّع الجميع بالمرح والمرونة اللذين يميّزان ابن الخامسة عشر الذي أُجبِر منذ حوالي السنة على الهروب من حلب في شمال سوريا إلى تركيا برفقة ستة من أعضاء عائلته، وفي حالته لا نتكلّم مجازيًا عن فقدان البصر، فأشرف وأخوه مكفوفان.

جعل ذلك رحلتهما إلى مخيم مديات، وما يليها من تأقلم مع الحياة في المهجر، أصعب عليهما منها على اللاجئين الآخرين.

منذ أن وصل أشرف، بدأ يتابع دراسته في المدرسة في مخيم مديات للاجئين، وقد أنهى مؤخرًا الصف السابع، وعلى الرغم من غياب المواد المخصّصة لطريقة برايل أو معدات الكتابة الخاصّة، كان أشرف من المتفوقين.

يقول: “أنا بكل بساطة أستمع في الصف وأتعلّم بالاستماع والحفظ”، أما في الامتحانات فيقوم تلميذ أكبر سنًا أو مدرّس بقراءة الأسئلة ويجيب أشرف شفهيًا، ومع ذلك فمن الواضح أنّ هذا الانتقال إلى مدرسة ضمن مخيّم لم يكن سهلًا على الدوام.

وأضاف: “كنت أتابع دراستي في حلب في مدرسة مخصّصة للمكفوفين حيث تعلّمنا القراءة بطريقة برايل، وهناك لم أكن أشعر أنني مختلف عن الباقين؛ كنا نلعب حتى كرة القدم باستعمال كرة خاصة تحوي أجراسًا حتى نعرف مكانها، لكن هنا ما من أحد يمكنني اللعب معه”.

تعمل المفوضية عن كثب مع الحكومة التركية من أجل دعم اللاجئين السوريين، وتوفير المواد والدعم التقني لمساعدة السلطات على الاستجابة للأزمة وإدارة الأعداد المتزايدة من الوافدين، وتدعم المفوضية برنامج التسجيل الخاص بالحكومة للحرص على تحديد ذوي الاحتياجات الخاصة في وقت مبكر وإحالتهم إلى الآليات المناسبة.

لا يعتبر مديات مخيمًا ضخمًا بالمعايير التركية، فهو يستضيف حوالي 2.800 لاجئ مثل أشرف وعائلته. ويوجد في تركيا ما مجموعه 22 مخيمًا للاجئين يضم 220.000 لاجئ سوري، ومن بين اللاجئين السوريين الذين يفوق عددهم المليون والمفترض تواجدهم في البلد، لم يتسجّل سوى 20 في المئة في المخيمات، ويعيش الباقون في المدن.

يشتمل نصف اللاجئين على الأطفال، بعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأنشأت وزارة التربية والتعليم مدارس في جميع مخيمات اللاجئين التي تديرها الحكومة في جنوب شرق تركيا، ما مكّن 61.000 طفل سوري لاجئ تقريبًا من متابعة الدراسة في مدارس يتألف موظفوها من مدرسين سوريين متطوعين، وتدعم المفوضية هذه الجهود عبر توفير مواد الدعم التعليمي عند الطلب.

اشترت المنظمة مؤخرًا آلة برايل للكتابة، وهي آلة كاتبة تستعمل لإنتاج ملفات برايل، ليستخدمها الأطفال والراشدون المكفوفون كجزء من دعم المنظمة لتعليم الأطفال السوريين اللاجئين.

يقول أشرف بخجل: “مع أنني تعلّمت القراءة بطريقة برايل في سوريا، لم تسنح لي الفرصة لاستعمال آلة كتابة”. لكن من الواضح أنّ إمكانية وصوله إلى الآلة الكاتبة ينمّي مهاراته؛ فهو أظهر لموظفي المفوضية بحماس كيف أصبح بإمكانه كتابة جمل بالأحرف العربية والتركية.

آلة برايل للكتابة أداة مهمة لمراهق مكفوف مثل أشرف، لكنّ حاجة اللاجئين للتعلّم هائلة بينما الموارد محدودة، والمادة الوحيدة المتاحة لأشرف في المخيّم مع كتابة برايل هي القرآن الذي أحضره معه من سوريا.

مع ذلك، لم يكبح هذا تطلّعه إلى المستقبل، فيقول: “أنا أرغب في أن أصبح أخصائيًا بعلم النفس في أحد الأيام، فأنا مستمع جيّد وغالبًا ما أساعد الأشخاص على إيجاد حل لمشاكلهم”.

تستضيف تركيا ثاني أكبر تجمّع للاجئين السوريين في المنطقة بعد لبنان، لكنها لم تحصل إلا على 17 في المئة من التمويل الذي تحتاج إليه. في الإجمال، تقوم المفوضية وشركاؤها بالطلب من المتبرعين تمويل برنامج المساعدة بقيمة 3.74 مليار دولار أميركي في كل من لبنان، والأردن، وتركيا، والعراق ومصر لإنقاذ حياة الأشخاص، ودرء الضرر، وحماية الأكثر ضعفًا وتعزيز قدرة اللاجئين والمجتمعات المضيفة وعزيمتهم، فيما تغوص الأزمة في عامها الرابع.

بقلم جنيفير روبرت وسيلين أونال في مخيّم مديات للاجئين، تركيا

زر الذهاب إلى الأعلى