الدمج والإعاقة

فقدوا البصر ولم يفقدوا إرادتهم وأحلامهم.. حكايات فوق الخيال

لم تستسلم أمنية وتقبل العيش كطفلة فى القناطر الخيرية بمحافظة القليوبة بمصر فقدت بصرها .. وقررت أن تحيل حياتها لسلسلة من التحديات .. وأصرت فى المرحلة الإعدادية ألا يصطحبها أحد من أسرتها للمدرسة لتذهب وتعود بمفردها .. وأصرت فى المرحلة الثانوية أن تنتقل لمدرسة عادية وليست مدارس المكفوفين .. ولم يكن يؤلمها كما قالت أن تسمع زميلاتها يقلن البت العامية دى جاية تعمل إيه معانا .. بل كانت تبتسم وانتصرت فى النهاية وأصبحت الأولى والتحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية .. وبدأت تلعب الكاراتيه ثم الجودو حيث انضمت لمنتخب مصر للمكفوفين للجودو ..

سافرت أمنية إلى فنلندا للمشاركة فى بطولة العالم للدول الناشئة حيث فازت بميدالية الذهب ولا تزال تواصل التحدى انتظارا لدورة باريس الباراليمبية العام المقبل ..

وفى نفس البطولة للرجال .. فاز محمود سامى عنتر بالميدالية الفضية بعد رحلة تحدى مماثلة منذ فقد بصره وهو فى الرابعة عشر من العمر ولم يعرف لعبة الجودو إلا منذ سنة واحدة فقط وأصبح بعدها الثانى على العالم ..

وفقدت آية حماد بصرها منذ طفولتها فكبرت وهى لا ترى نظرات الشفقة والأسى فى عيون الناس حولها .. وظلت سنينا تحلم أن تنجح فى أى شىء ليعرف الآخرون أنها فقدت البصر ولم تفقد الحياة .. وكان حلما مستحيلا فهى من أسرة متواضعة فى كفر الشيخ ووالدها فلاح بسيط يكاد يموت من التعب آخر كل يوم ليوفر أبسط متطلبات الحياة لرعاية ولديه شيماء وسيد وآية كإبنة ثالثة لا ترى .. وبالمصادفة بدأت آية تلعب رفع الأثقال وفاجآت الجميع بموهبتها وقدرتها فتم اختيارها لمنتخب مصر .. ومنذ عامين .. سافرت آية لأول مرة خارج مصر مع المنتخب إلى جورجيا لتشارك فى بطولة العالم .. وفازت آية بالبطولة ثم توالت بطولاتها وانتصاراتها .. وبنفس التحدى والعناد والإرادة الحديدية ..

نجحت البطلة روان جاد فى تحقيق رقم قياسى عالمى جديد فى رفع الأثقال للكفيفات .. آية بطلة العالم فى رفع الأثقال للمكفوفين .. وفقد صبرى عطية بصره وهو فى الرابعة من عمره وبعد انهاء دراسته الجامعية أصبح بطلا للعالم فى الكاراتيه والتايكوندو .. وبدأت منة عصام الدين تفقد بصرها تدريجيا وهى فى الإعدادية حتى عجزت عن الرؤية تماما وهى تنهى دراستها للإعلام فى كلية الآداب بجامعة عين شمس .. ورغم ذلك اختارت لعبة القوس والسهم ويخبرها المدرب بالمكان الذى يجب توجيه السهم إليه وباتت بطلة تجيد ذلك وفازت باثنتى عشر ميدالية منها اثنتان من ذهب ..

وفى الزقازيق .. تكون فى نادى السكة الحديد فريق لكرة الجرس من شباب فقدوا البصر ولم يفقدوا إرادتهم وأحلامهم ونجحوا أخيرا فى أن يكونوا أبطالا لمصر ولعبوا للمنتخب وحققوا نجاحات دولية .. وهناك غيرهم كثيرون من بطلات وأبطال كان تجاهل الناس لهم وسخريتهم أشد قسوة أحيانا من فقدان البصر .. ولهم جميعا أعتذر عن هذا التجاهل وأوجه تحية الاعتزاز والاحترام بمناسبة دورة الألعاب العالمية للمكفوفين التى ستبدأ اليوم فى برمينجهام الإنجليزية.

بقلم/ ياسر أيوب

عن المصري اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى