الدمج والإعاقة

زواج ذوي الاحتياجات.. مشكلة تحتاج إلى حل عاجل!

لذوي الاحتياجات الخاصة، مثل غيرهم من الأصحاء، الحق في تكوين أسرة وإنجاب الأطفال. وقضية “زواج ذوي الاحتياجات الخاصة”، واحدة من القضايا المهمة، التي فرضت نفسها بقوة على أجندة عمل المهتمين بهذه الفئة من أفراد المجتمع في الآونة الأخيرة، خاصة مع تطور الوعي بأهمية تحسين نوعية الحياة لهذه الفئة من أفراد المجتمع.

والإعاقة أنواع ودرجات مختلفة، فهناك الإعاقة الجسدية أو الحركية وهناك الإعاقة السمعية والإعاقة البصرية والإعاقة العقلية والإعاقة الكلامية واللغوية، يضاف إلى ذلك إعاقات أخرى مثل اضطراب التوحد والإعاقات المتعددة.

ويرى الكثير من الخبراء والعاملين في مجال الإعاقة أن في زواج الأشخاص ذوي الإعاقة تحقيق الكثير من المنافع والمصالح المهمة، ولعل من أهمها إيجاد معين للشخص المعاق يرعاه ويعتني به ويساعده في تدبر أمور حياته اليومية.

زواج ذوي الإعاقة

يواجه الرجل المعوق أكثر من مشكلة، منها عدم إقبال الأسر على ارتباط ابنتهم بشخص من المعوقين رغم عدم وجود أية عوائق حقيقية تمنع هذا الشخص من الزواج. ويكون هذا من أجل رفض الشكل العام للمعوق لأنه يمشي على كرسي متحرك أو يتحرك بعكازين. وغير ذلك. ومن المشاكل الأخرى غلو بعض الأسر في قيمة المهر المطلوب بدعوى ضمان حقوق ابنتهم إن لم يستمر هذه الزواج في المستقبل، بالإضافة على متطلبات الزواج الأخرى مما يضع المعوق دائما في حرج وخاصة أن راتب معظم الوظائف المتاحة للكثير من المعوقين ليس كبيراً.                                        

وهناك أيضاً عدم إقبال الفتيات على الارتباط بشخص معوق رغم انه يمكن أن يكون أفضل بكثير من أشخاص عاديين أخلاقيا ونفسياً.

أمّا بالنسبة للفتيات المعوقات فالمشكلة أكبر حيث لا يقبل دائماً – إلا فيما ندر- الشباب من الارتباط من فتاة معوقة رغم عدم وجود ما يمنع زواجها من حيث القدرة على الإنجاب أو القيام بمسئولياتها الأسرية من رعاية المنزل وتربية الأطفال بمساعدة خادمة البيت بالطبع.

ورغم ذلك يفضل الشباب الزواج بفتاة عادية تحقيقاً لأحلامه الشخصية في الارتباط بفتاة ذات مواصفات جيدة، وهي أحلام مشروعة، ولكن ذلك لا يمنع أبداً من التوجه والتفكير في الارتباط بفتاة معاقة فربما تكون أصلح وأفضل كزوجة وأم من فتاة عادية أخرى.

تأثير الحرمان من الزواج

• الكبت: عدم الزواج يؤدي بصاحب التحدي الخاص أي يؤدي بالمعاق الى كبت عاطفته وحاجاته الشخصية وهذا الكبت كما هو معروف يؤدي إلى عقد نفسية يترتب عليها أنماط سلوكية شاذة حيث قد يتحول الشخص إلى شخص سلبي غير متفاعل مع مجتمعه كاره وحاقد.

• التسامي: تتحول الطاقات العاطفية والاحتياجات الجسدية الغريزية التي تخلق مع كل إنسان الى طاقات إبداعية مهنية وعلميه .. الخ, فإصرارهم على التسامي عن احتياجاتهم ونقصهم يجعلهم مبدعين .

• التعويض: يكون عن طريق تكوين علاقات اجتماعية متشعبة وكثيرة يترتب عليها التزامات وواجبات تشغل تفكيرهم وعقلهم وفراغهم العاطفي.

فتوى الأزهر

أطلق الأزهر الشريف فتوى شرعية تحمل رقم (391543) تتعلق بمدى جواز زواج المعاقين ذهنيا وإنجابهم وطلاقهم، وهى الفتوى التى جاءت للرد على سؤال موجه من الدكتور وليد نادى الباحث بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، فى إطار دراسته التى حملت عنوان “زواج المعاقين ذهنيا بين القبول والرفض”.

وجاء نص الفتوى التى صدرت فى نوفمبر عام 2015 ليؤكد ما يلى: “الزواج حق من حقوق المعاق ذهنيا ثابت له بمقتضى الجبلة والبشرية والطبع؛ لأنه إنسان مركب فيه الشهوة والعاطفة، ويحتاج إلى سكن ونفقة ورعاية، شأنه شأن بقية بنى جنسه، مع زيادته عليهم باحتياجه لرعاية زائدة فيما يرجع إلى حالته الخاصة، وكما أن ذلك الحق ثابت له طبعا فهو ثابت له شرعا؛ فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونا مطبقا أن يتزوج فإن من كان فى مرتبة دون هذه المرتبة – كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة – يكون زواجه جائزا من باب أولى ولا حرج فى ذلك، ما دام المعاق محوطا بالعناية والرعاية اللازمتين.. والزواج من العقود متى توفرت فيه أركانه وشرائطه صح وترتبت عليه آثاره.

وأضاف نص الفتوى: “من شروط صحة العقود أهلية المتعاقدين، فإذا اختلت هذه الأهلية بعارض الجنون أو العته لم يصح للمجنون – ونحوه – أن يباشر الزواج بنفسه، ولو فعله لم ينعقد العقد؛ وذلك لأن النكاح تصرف متوقف على القصد الصحيح، وهو لا يوجد إلا مع العقل.. وبسبب هذا الاختلال فى الأهلية فإن الشرع قد أثبت سلطة أمر المجنون للغير لأجل تحقيق الحفظ والصيانة له، وبموجب هذه السلطة يقوم الولى برعاية شئون المولى عليه المتعلقة بشخصه، ومن التصرفات التى يجوز للولى إيقاعها: تزويج المجنون الذى تحت ولايته؛ لمصلحة إعفائه أو إيوائه وحفظه وصيانته”.

شروط الولي

وحددت الفتوى شروط الولى ومسئولياته قائلة: “غنى عن البيان أن المقصود من هيمنة الأولياء والأوصياء والكفلاء هو محض المصلحة للمولى عليه والموصى عليه والمكفول، لا أن يتحول الأمر إلى تجارة للرقيق الأبيض فى صورة استخدام هؤلاء المعاقين استخداما غير آدمى وغير أخلاقى، والأصل أن القيم والوالدين أو أحدهما تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة، دائرة معها؛ فإن كان فى مصلحته من الناحية النفسية أو الصحية أو حتى المادية الزواج فلا يجوز له الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو القريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات الموثوقة والروابط التى تنظم أمثال هؤلاء المعاقين ذهنيا، ويكون تأخير القائمين على هؤلاء فى جلب مصلحة لهم – حيث توفرت مقدمتها – فيه تقصير وإثم بقدر تحقق تخلفهم عن توصيل هذا الخير”.

جواز الإنجاب

ما عن جواز إنجاب المعاقين فأضاف نص الفتوى: “مرجع ذلك إلى الخبراء وأهل الاختصاص، وهم من يعرف من خلالهم درجة المصلحة والمفسدة فيما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده بحسب المصلحة لكل حالة على حدتها، وهؤلاء هم الذين يستطيعون الحكم على قدرة المعاق ذهنيا على رعاية الأولاد فى المراحل العمرية المختلفة من عدمها، وهل حدوث فرص توريث للمرض الذهنى والعقلى قائمة؟ وما نسب ذلك؟ وهل هذا الإنجاب يؤثر سلبا على حالة الأب أو الأم؟ وغيرها من النظرات الاحتصاصية التى يترجح معها الإنجاب من عدمه، ويكون ذلك تحت رعاية وعناية ولى المعاق، وقد يحتاج الأمر للقاضى عند اللزوم أو التنازع”.

طلاق المعاق ذهنياً

وفيما يتعلق بطلاق المعاق ذهنياً فقد قصرته الفتوى على القضاء، حيث أوضحت: “الأصل فى الطلاق أنه حق يملكه الزوج وحده.. لكن هذا الأصل فيمن تصح عبارته، وناقص الأهلية ليس كذلك؛ فلا يصح طلاقه.. فالقاضى وحده هو من يملك إيقاع الطلاق فى مثل هذه الحالة إذا تحقق عنده ما يوجب الطلاق شرعا”.

زر الذهاب إلى الأعلى