الصحة المستدامة

دراسة: سوء استخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى موت ملايين البكتريا المفيدة في أمعاء الإنسان

الإفراط في وسوء استخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى تخفيض أعداد أو موت ملايين البكتريا المفيدة في أمعاء الإنسان، ويترتب على ذلك خلل في ميكروبيوم الأمعاء مما قد يسمح لبعض الفطريات مثل الخميرة بالنمو بكثافة والتوغل في بطانة الأمعاء الدقيقة من خلال الجروح الصغيرة التي تحدث جراء المصابين بمرض كرون Crohn,s مما يفاقم من أعراض المرض وكذلك  يبطيء من التئام الجروح وتخفيف مضاعفات المرض.

إذا لم تعالج الجروح الطفيفة التي تحدث في بطانة الأمعاء لدى الشخص المصاب بمرض كرون سوف ينجم عن ذلك أعراض مرضية في صورة تقرحات وآلام في البطن مع نزيف وإسهال، إضافة إلى أعراض أخرى قد تحدث مثل انسداد الأمعاء، أو الناسور أو سرطان القولون.

دراسة نشرت في مجلة العلم Science أجراها علماء من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس وكليفلاند كلينيك أوهايو، كشف خلالها فريق البحث عن فطر خميرة شائع يسمى ديباريومايسيس هانسيني Debaryomyces hansenii ينتقل عن طريق بعض الأطعمة مثل الجبن والنقانق (السجق) واللحوم المصنّعة والبيرة والنبيذ والأغذية المُخَمَّرة، ويستعمر الجروح المعوية لمرضى كرون، وبمجرد أن يؤسس نفسه يتكاثر ويزداد في العدد مما يزيد من التهاب الأمعاء ويعوق بذلك التئام الجروح ويؤدي إلى تفاقم شدة المرض.

فطر الخميرة “ديباريومايسيس” هذا غير ضار للأشخاص الأصحاء، لكنه يستغل ضعف بطانة الأمعاء في الأشخاص المصابين بمرض كرون ويتواجد بكثافة في جروح الأنسجة المخاطية بالأمعاء الملتهبة التي تحدث نتيجة للمرض، لذلك يرى الباحثون أن الحفاظ على التوازن الميكروبي الطبيعي في الأمعاء بعدم الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وكذلك تغيير وتعديل النظام الغذائي لخفض مستويات هذا النوع من الفطريات بالأمعاء، يساعد في التغلب على الإلتهابات والتقرحات المصاحبة للمرض.

لا يزال السبب في مرض كرون غير مؤكد، إلا أن الوراثة والنظام الغذائي وكذلك الإجهاد والضغوط العصبية فضلاً عن الخلل المناعي والغزو الميكروبي والفيروسي من العوامل المسببة للمرض. هذا إضافة إلى العمر، حيث تتطور الحالة المرضية في مرحلة الشباب قبل بلوغ الثلاثين، كما أن الأصل العرقي له تأثير، فمثلاً البيض لديهم مخاطر أعلى للإصابة، هذا ويعتبر التدخين وتناول أدوية مضادة للإلتهاب قد يزيد من حدة أعراض المرض. الملفت للنظر كذلك أن البيئة ومكان المعيشة لها دور كذلك في زيادة المرض، مثل التلوث والمناطق الحضرية والصناعية التي يزيد فيها التلوث، وأخيراً النظام الغذائي الغني بالدهون والسكر المكرر والمحسنات الصناعية تزيد كذلك من مضاعفات المرض.

وجد الباحثون في تلك الدراسة أن العلاج بالمضادات الفطرية مثل أمفوتريسين بي amphotericin B يقلل من أعداد الفطر ويعمل سريعاً على التئام الجروح والتخفيف من وعلاج التقرحات لدى مرضيى كرون. لكن ولأن هذا العلاج يؤخذ عن طريق الحقن فهو غير شائع الاستخدام، لذلك يسعى العلماء في تطويره وإنتاجه في صورة أقراص يسهل تناولها واستخدامها بديلاً عن الحقن.

دكتور رضا محمد طه

أستاذ الفيروسات المساعد ورئيس قسم النبات

/كلية العلوم/ جامعة الفيوم

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى