الدمج والإعاقة

“جودة حياة الكفيف في المملكة العربية السعودية”.. صور مفعمة بالأمل كما يعرضها “خالد المنجم”

إلى كل كفيفٍ تحدى إعاقته في مواجهة كل الصُعوبات من أجل أن يتمتع بجودة حياة عالية, ولكي يكون شامخًا ومؤثرًا ذا شأن في المجتمع, يهدي الباحث السعودي خالد بن على بن محمد المنجم, كتابه الهام, “جودة حياة الكفيف في المملكة العربية السعودية”, الصادر حديثاً عن دار الكتب العلمية ببيروت. يؤكد المؤلف أن مجال الإعاقة البصرية حظي باهتمامٍ كبيرٍ في السنوات الأخيرة من قِبل ولاة الأمر فى المملكة العربية السعودية على مستوى النواحي التربوية والاجتماعية والتقنية, ومرجع ذلك بحسب المؤلف إلى الاقتناع بأن المعاقين بصرياً هم كغيرهم من أفراد المجتمع لهم الحق في التمتع بجودة, وفي عملية النمو الإنساني بأقصى ما تُمكنهم قدراتهم وطاقاتهم, والمشاركة في التنمية الشاملة.

الاهتمام السعودية بهذه الفئة يعكس صوراً للاهتمام الذي تبديه لهذه الفئة من خلال تسخير مُختلف الإمكانيات, وكذلك إلى الاقتناع المتزايد بأن أصحاب الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة كغيرهم من أفراد المجتمع لهم الحق في التنمية البشرية بأقصى ما تمكنهم منه قدراتهم وطاقاتهم, ومن جانب آخر فإن هذا الاهتمام يُظهر جليًّا تغيير النظرة السلبية إلى النظرة الأكثر إنصافاً باعتبارهم جزءًا من الثروة البشرية ينبغي تطويرها لتساهم في نمو بُلدانها. من هذا المنطلق تنبع أهمية كتاب “جودة حياة الكفيف” لمؤلفة خالد المنجم.

وبحسب المؤلف يعتبر هذا الكتاب من الأوعية العلمية الشاملة التي سعت لدراسة معنى الحياة لدى الكفيف وأثرها في مُحتلف الجوانب؛ بالإضافة إلى الخدمات المقدمة لهم في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص فى مجال الإعاقة البصرية بمختلف أنواعها؛ ليكون عوناً لآباء ذوي الإعاقة البصرية, أو من له صلة بهذه الفئة من مُعلمين وباحثين وغيرهم.

ويشدد المؤلف على أن هذا الاهتمام لابد وأن يُغيّر النظرة السلبية تجاه كفيفي البصر التى تراهم عالةَ على المجتمع أو النظرة إليهم بعين العطف, واستبدالها بنظرة أكثر إيجابية تُراعي ما يتمتع به هؤلاء الأفراد من قدرات والتعامل معهم بقدرٍ من المساواة بينهم وبين المبصرين؛ لذا عملت المملكة العربيةالسعودية على الاهتمام بتوفير كل الخدمات لهذه الفئة الغالية من أجل التمتع بجودة حياة عالية.

يقول المنجم, “نلحظ ان المكفوفين يعيشون داخل عالم محدود الانطواء والخجل الذي سببه إعاقتهم البصرية؛ لذا يسعون دائما للخروج من هذه العزلة والانخراط في المجتمع, وإشباع حاجاتهم البيولوجية والنفسية؛ إلا أن ثمة اتجاهات سلبية من حولهم تعمل على إبقائهم أسرى لعذلتهم؛ لذا فهم يواجهون مواقف مليئة بالقق والصراع النفسي فى حياتهم الاجتماعية, وهذا يؤدي إلى سوء توافقهم النفسي وتكيفهم الاجتماعي”.

التفاعل الاجتماعي

ويؤكد “المنجم” أن حاسة البصر تؤدي دورًا مهما فى عملية التفاعل الاجتماعي بين الفرد والمحيطين به, وتساعده على اكتساب المعرفة والمهارات الحياتية, وتتولى عملية التنسيق والتنظيم للانطباعات التى يتم استقبالها عن طريق الحواس الأخرى, من هنا تتضح الآثار المترتبة على فقدان البصر.

لذا يظهر احتياج أفراد هذه الفئة لخدمات الإرشاد التربوي والأسري والاجتماعي لمساعدتهم على إشباع حاجاتهم الضرورية والنفسية, ومواجهة مشاكلهم, والتغلب على الآثار النفسية المترتبة على إعاقتهم مثل الصراع النفسي, والقلق والإحباط, والانطواء, والخجل, وتمكينهم من التغلب على الاتجاهات السلبية التى تحاول عزلهم عن المجتمع.

ونتيجة لاحتياج كفيفي البصر وأسرهم إلى البرامج الإرشادية, والتربوية والنفسية, والاجتماعية, والعلاجية, والخدمات اللازمة لهم حتى تتحقق جودة الحياة لديهم, قام “المنجم” بإعداد هذا الكتاب الثرى من خلال تطور المملكة, ووفقاً لرؤية 2030 الرامية إلى مزيد من التقدم بمشاركة جميع أفراد المجتمع السعودي ومؤسساته الحكومية والخاصة.

محاور الكتاب

قسم “المنجم” محتوى كتابه إلى خمسة فصول تناول فيها محاور متعددة؛ فاستعرض فى الفصل الأول: الكفيف وجودة الحياة, والمفاهيم العلمية في مصطلح الكفيف وجودة الحياة, بالإضافة إلى طرق الوقاية والعلاج من الإعاقة.

وفى الفصل الثاني أبرز دور المملكة للمكفوفين أكاديمين وتربوياً في الجهات الحكومية في تقدم مختلف الخدمات لذوي الإعاقة مثل: مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة, وهيئة رعاية الاشخاص ذوي الإعاقة والغدارة العامة للتربية الخاصة بوزارة التعليم, وكذلك تناول رؤية 2030 فى مجال الإعاقة.

الفصل الثالث من الكتاب, تناول “المنجم” جودة حياة الكفيف في المملكة العربية السعودية من عدة جوانب: اقتصادية, اجتماعية, نفسية, رياضية, وتعليمية, وغيرها.

بينما استعرض المنجم فى الفصل الرابع من كتابه, الخدمات المقدمة للمكفوفين فى المملكة والتى تبدأ منذ الولادة فى الرعاية الخاصة, وكذلك الخدمات المساندة في مشوار حياتهم, ودور مطابع خادم الحرمين الشريفين, ومركز ذوي الاحتياجات الخاصة في الجامعات, والجمعيات الخيرية في خدمة ذوي الإعاقة البصرية.

وفى الفصل الخامس من الكتاب, أعد “المنجم” مؤشرات ومقياس جودة حياة الكفيف في المملكة: وأعد مقياس جودة الحياة لدى الكفيف مناسب للبيئة السعودية والعربية من تصميمه.

التوصيات

لا شك أن جودة حياة كفيف البصر مرتبطة بمدى نظرته لإعاقته البصرية وبمدى نظرة المجتمع بالمملكة لهذه الإعاقة؛ فإذا تغيرت هذه النظرة إلى الأفضل والأحسن حدثت الجودة لحياة الكفيف والعكس صحيح.. لذا اختتم “المنجم” هذا الكتاب ببعض التوصيات المتعلقة بهذا الشأن ومنها:

  • تفعيل أدوار المعاقين بصريا داخل المجتمع.
  • سن القوانين الوظيفية التى يتمتع بها المعاق بصريا؛ خاصة عند حدوث الإعاقة مستقبلا.
  • ضرورة تضمين العناية بكف البصر وإعادة التأهيل ضمن خدمات التأمين الطبي والرعاية الصحية الأولية.
  • توفير الأجهزة التقنية الناطقة؛ لتكون بمثابة عين الكفيف.
  • توفير الرعاية الصحية الدائمة للمعاقين بصرياً.
  • توفير العلاج الطبي المناسب لعلاج السكري والضغط وقطرات العيون.
  • تنظيم عدد من الأنشطة الاجتماعية خلال العام, وخاصة برامج المراكز الصيفية لتأهيل الأطفال المعاقين بصرياً.
  • وأخيرا: القيام بدورات مُكثفة موجهة لأولياء الأمور لتعليمهم طريقة برايل من أجل مساعدة أبناءهم.

عن المؤلف:

خالد بن على محمد المنجم, حصل على بكالوريوس أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود عام 1999م, ودبلوم إعاقة بصرية جامعة الملك سعود عام م2005, ودبلوم التربية الخاصة من جامعةعين شمس عام 2020م, وماجستير تربية خاصة جامعة عين شمس 2013م, دبلوم التوجيه والإرشاد الطلابي جامعة الإمام محمد بن سعود عام 2014م, دبلوم المستشار الاسري والتربوي, أكاديمية الشرق الأوسط عام 2017م, ودبلوم المدرب الدولي المعتمد من الأكاديمية المصرية عام 2018م, ودبلوم تقنيات التدريس الحديث من الأكاديمية المصرية عام 2019, وماجستير مهنى “تدريب وإرشاد” من الأكاديمية المصرية عام 2019م, ودكتوراه فى الفلسفة “علم نفس التعليمي”, جامعة عين شمس عام 2021م.

الدورات التدريبية:

  • تأهيل مدرب حالات صعوبات التعلم – مركز البحوث والدراسات النفسية – جامعةالقاهرة.
  • مدرب حالات ذوي إضرابات التخاطب – مركز البحوث والدراسات النفسية – جامعةالقاهرة.

العضويات

  • عضو مجلس إدارة جمعية كفيف بمنطقة الرياض
  • عضو جمعية أصدقاء الموهوبين
  • عضو الجمعية العربية المصرية لذوي الاحتياجات الخاصة.

المؤلفات:

  • كتاب اضطرابات النطق لدى ذوي الإعاقة البصرية (موجهات تشخيصية وعلاجية) 2013
  • بحث منشور “اضطرابات النطق للمكفوفين” فى مجلة علمية محكمة 2014
  • بحث منشور في المؤتمر الدولي للتربية الخاصة ” اضطرابات عيوب النطق” عام 2015.

زر الذهاب إلى الأعلى