آراء

جلد الذات

من الطبيعي ان يمر الفرد بمواقف يشعر بها بالفشل والاحساس بسوء التصرف والشعور بتأنيب الضمير واليأس والإحباط وهذا امر طبيعي لكن في حال تكرار هذه المشاعر لديه بلوم ذاته واحساسه بانه سبب في كل ما يحدث له حتى في حالة كون سلوكه في الموقف صائباً يعتبر هذا جلد لذاته التي من الممكن ان تجعله  يصل بتفكيره هذا الى مرحلة إيذاء ذاته وعدم رغبته بالحياة ،
هذا ويعد جلد الفرد ولومه لذاته مجموعة من السلوكيات الشاذة تحدث له في ظروف واوقات مختلفة قد يصبح على شكل عقاب موجه نحو جسمه او يكون من خلال غضبه وحزنه فهو يحاول ان يعذب ذاته ويحرمها مما قد يشعرها بالبهجة والسرور او ما يتمتع به الاخرين من حوله وقد يصل الى مرحلة  يصبح فيها الفرد لا يعطي أي أهمية  لنفسه وتقليل قيمته ومكانته  لدى الاخرين فهو يحاول ان يصل الى فكرة غير صحيحة نحو ذاته ، مما يدل بالتالي على ان جلد الذات يشير الى اضطراب سلوكي تكراري من قبل الفرد غير مقبول اجتماعياً ينتج عنه إيذاء جسدي موجه  نحو ذاته من الممكن ان يصل الى درجة حدوث كدمات او احمرار او جروح وقد يأخذ اشكال عديدة منها ضرب الرأس  او شد الشعر او نزع الجلد ،
ومن المتوقع ان نلاحظ الشخص الذين لديه هذا السلوك يتصف بان تقديره لذاته منخفض جداً فهو يقوم بشكل مستمر بالقاء اللوم على نفسه لكل شيء يحدث حتى لو لم يكن له أي علاقة به ، فضلاً عن ان الفرد الذي يقوم بجلد ذاته  قد لا يشعر بالالم سواء كان ذلك اثناء جلده لذاته او بعدها ، ان جلد الذات ناتج من الصراع بين الواقع الذي يعيشه الفرد وبين مفهوم الذات لديه ففي حالة عدم قدرة الفرد على اشباع حاجاته الأساسية بسبب عوائق تقف امامه يصل الى حالة من الإحباط ينتج عنها تقييم سلبي للذات ونقص احترامها حتى نبذها وكرهها والنظر اليها نظرة دونية ،
وفي حالة مرور الفرد بهذه المشاعر يحس بالنقص المستمر ويحاول عقاب ذاته بالعزلة والبعد عن العلاقات الاجتماعية حيث يكون لديه صراع داخلي لا ينتهي بسبب عدم التوازن والاستقرار الداخلي والمثالية المطلقة التي يحاول ان يصل اليها بلا ارتكاب أي أخطاء ، مع هذا فان لوم النفس لفترة محدودة هو شي إيجابي يحسن من قدرة الفرد وامكاناته من عدم ارتكاب أخطاء ويولد لديه نضج عقلي وحتى عاطفي يجعله شخص حكيم قادر على اتخاذ قرارات صائبة مستقبلاً وعدم تكرار نفس الأخطاء لكن اللوم المستمر يجعله يجلد ذاته وعدم قدرته على الاستمرار  وتجاوز الأخطاء ففي هذه الحالة يعتبر لوم الذات سلوك سلبي ،ان شعور جلد الذات غالبا يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة وما يتم غرسه في نفس الطفل وهو في طور النمو الجسدي والعقلي الى ان يصل الى مرحلة تحقيق هويته ووجهة نظره نحو نفسه ويعتبر الإباء الذين يبغون  المثالية والكمال لاطفالهم يعرضون الطفل في المستقبل لجلد الذات المستمر بالتالي يؤثر بشكل كبير في مناعته النفسية ويكون معرض للهشاشة النفسية ،
ان قيام الفرد بمدح ذاته وحبها ورفع استحقاقه لنفسه والاعتزاز والفخر بكل إنجازاته مهما كانت صغيرة كلها سلوكيات تحد من جلد الذات ، كما ويعد التركيز على الحاضر و  الذات وما لدى الفرد من نِعم اول خطوات التخلص من جلد الذات وكذلك تحسين النفس  وهذا ما يؤكد عليه ديننا الحنيف بقول الرسول ( الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ) وعفى الله عما سلف وما مضى ومر به الشخص منا سابقاً  .
م. م. وفاء علي خضر نوح

م. م. وفاء علي خضر نوح

ماجستير علم النفس التربوي مرشدة تربوية لدى وزارة التربية العراقية عضو ومستشارة نفسية لدى مجلس العالم الإسلامي للأعاقة والتأهيل العراق – دهوك
زر الذهاب إلى الأعلى