الملكة المتوجة على عرش الموائد.. البطاطس متهمة بإصابة محبيها بالسرطان
تشكل البطاطس أهمية كبرى فى غذاء الأسرة العربية، فما من أسرة لديها أطفال ويافعون إلا وتحتل البطاطس “المقلية” بجميع أنواعها وأشكالها أهمية كبرى وتمثل إغراء يصعب مقاومته.. ولكن وللأسف هناك تقارير حديثة باتت تحذرنا من الأخطار المفزعة لهذا الإغراء.. وما بين هذا الإغراء وتحذيرات العلماء بدأت تشتعل الحرب، وسوف نحاول أن نحيط ببعض جوانبها وحدودها لنعرف أبعادها ونصل إلى حقيقتها.
لثمرة البطاطس أهمية كبرى فى حياة كثير من الشعوب فقد أطلق عليها الفرنسيون (La Pomme de terre) أى تفاحة الأرض، وزرعها الفلاحون الفرنسيون على قبر الطبيب “أنطوان بارمانيه” إعترافاً بفضله بإدخال البطاطس إلى بلادهم، وقامت الملكة مارى أنطوانيت بتزيين شعرها ببعض براعم هذا النبات الجديد الذى ابهر الفرنسيين!
ففى عام 1537 اكتشفت البطاطس لأول مرة على يد المستعمرين الأسبان فى أمريكا الجنوبية وقاموا بتناول هذا الغذاء وأطلقوا عليه بطاطا وعلى إمتداد 467 عاماً عاشت ثمرة البطاطس ملكة متوجة على عرش موائد الطعام تقدم بكل الأشكال والأنواع مطهية ومسلوقة وسلطة.. كل هذه الأنواع للإستفادة من الطاقة الحرارية المنبعثة منها وكذلك الأملاح المعدنية الغنية بها مثل البوتاسيوم.. وقد عرف الإنسان أهمية فيتامين C الغنية بها هذه الثمرة التى أن قام بتقشيرها تخلص منه ولذلك لجأ الإنسان إلى سلقها ثم تقشيرها للإحتفاظ بهذا الفيتامين.
وأضاف إليها الإنسان اللبن والجبن.. وهى أغذية غنية بالكالسيوم.. لتصير وجبة متكاملة للأطفال على الأخص.
مُصادفة غريبة وحرب باردة كانت وراء ابتكار أشهر المقرمشات التي نستمتع بها هذه الأيام. كان ذلك في عام 1853، حين أصبحت أصابع البطاطس المقلية مشهورة وعلى رأس قوائم الطعام. في نيويورك، دخل زبون – من الصعب إرضاؤه- أحد المطاعم وبادر بطلب طبق من البطاطس المقلية ليُجرِّبها، ولكن ما إن وصله الطبق حتى أرجعه مُعلِّقا أنها عريضة وليست مقرمشة، عدَّل الطاهي الطبق ولكن الزبون أرجعه مرة أخرى، مما جعل الطاهي يشعر بحرارة الإهانة في مطبخه تلفح وجهه. وكحركة انتقامية منه، قطَّع البطاطس تقطيعا رفيعا كالورق حتى يصعب على الزبون تناولها بالشوكة، وحتى يُجبره على استخدام يديه، ولكن هذا الانتقام جعل الزبون راضيا إلى درجة أنه التهم الطبق كاملا مُبديا إعجابه بوجبته، ومن هنا جاءتنا فكرة رقائق البطاطس.
منظمة الصحة العالمية تحذر!
ففى يونيو 2002 وجه علماء التغذية إتهاماً للبطاطس بتعريض صحة الإنسان لخطر الإصابة بمرض السرطان، واصدرت منظمة الصحة العالمية وهيئة الأغذية والزراعة العالمية تقريراً اثار قلقاً بين الناس ففى مقدمته تقفز مادة جديدة إلى الضوء وهى مادة أكريلاميد وهى مادة كيميائية تستخدم فى صناعة البلاستيك وفى تنقية المياه بنسب محددة وضئيلة وقد إكتشف وجود هذه المادة فى الغذاء ولأول مرة فى السويد فى أبريل 2002 مما اثار إهتمام العلماء أن هذه الأغذية مطهية فى درجة حرارة عالية وبهذا طبقت النتائج فى وجود هذه المادة فى الأغذية النشوية المطهية عند درجة حرارة عالية تصل إلى أكثر من 120 درجة مئوية مثل رقائق البطاطس pototo chipo والبطاطس المجهزة French frids والحبوب المصنعة cereals وبعض أنواع الخبز والبسكويت cookiwsبنسب أعلى من المسموح بها والمستعملة فى تنقية المياه، حيث بلغت النسبة 70 ميكروجراما فى اليوم للفرد البالغ بينما سببت نسبة أقل منها تلفاً بأعصاب حيوانات التجارب!
ومن المعروف أن المواد النشوية وحدها لا تستطيع تكوين المركب المسبب للسرطان فالبطاطس وهى موضوعنا.. لا تزيد نسبة المواد النشوية بها عن 20% أما مادة أكريلاميد وهى المادة المحدثة للسرطان فلا يعرف حتى الآن النسبة التى تصل منها إلى الجسم من مصادر الغذاء سواء الأغذية النشوية المطهوة فى درجات حرارة عالية أو غيرها مثل السجائر أو الخمور وليس معروفاً أيضاً كيف يتعامل الجسم معها أو كيف يقوم بتكسيرها وتبقى حقائق مهمة لابد أن نعرفها ومنها ما هى أنواع الزيوت أو الدهون المستخدمة فى طهو الأغذية هناك، حيث من المعروف أن أكثر الطهو بدهن الخنزير ويستخدم أيضاً فى قلى البطاطس نظراً لرخص ثمنه، وعند القلى تحدث تفاعلات، حيث يتفاعل الزيت مع المادة الدهنية وتتحول المواد الدهنية الحيوانية إلى مواد مسرطنة.
ومن جديد تتجلى حكمة الخالق فى قوله: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به) سورة البقرة الآية 173.
نصائح مهمة
إلى أن يصل العلماء إلى حل فى هذه المشكلة علينا أولاً أن نقوم بإستخدام أنواع جيدة من الزيوت فى القلى وهى التى تقاوم التلف والأكسدة باكسجين الجو وأيضاً نقوم بالتحمير على نار هادئة، حيث تعتبر درجات الحرارة العالية من أهم الأسباب فى تكوين المواد المسرطنة وعدم إستخدام زيت التحمير لأكثر من مرة.
ومازلنا نؤكد على حقيقة مهمة فإنه برغم بلوغ فن الطهو وترتيب الموائد وتقديم المأكولات إلى درجة عالية من الفن والإبتكار وتغيير المذاق إستجابة لرغبة الإنسان والتغلب على رتابة الحياة فنحن مازلنا نأكل ونأكل ولكن تبقى حقيقة مؤكدة أن الطعام والغذاء ليسا وجهين لعملة واحدة.
في هذا الصدد قدَّمت هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بعض النصائح للمستهلكين لمساعدتهم على الاستمتاع برقائق البطاطس المحضَّرة منزليا والحد من التعرُّض لهذه المادة السامة عن طريق شرائها جاهزة:
أولا: تجنب الإفراط في الطهي، إذ يتكوَّن الأكريلاميد بنسبة أكبر كلما طالت مدة القلي تحت درجة حرارة مرتفعة.
ثانيا: عدم تخزين البطاطس في الثلاجة، حيث يمكن لدرجات الحرارة المنخفضة في الثلاجة أن تزيد من نسبة تكوُّن الأكريلاميد عند الطهي.
ثالثا: يُنصح بتقطيع شرائح البطاطس ونقعها في الماء لمدة تتراوح بين 15-30 دقيقة قبل الطهي، هذه الخطوة تُقلِّل من نسبة تَشكُّل الأكريلاميد خلال الطهي.
رابعا: اللون الذهبي للبطاطس الناضجة هو اللون الآمن، فكلما أصبحت البطاطس بنية اللون دلَّ ذلك على تَشكُّل نسبة مرتفعة من الأكريلاميد.