المرأة الأردنية: من التحدي إلى التميز – قرن من الإنجازات والتغيير

تعتبر المرأة الأردنية ركيزة أساسية في بناء المجتمع وتقدمه، وقد شهدت العقود الماضية تطورًا ملحوظًا في مسيرتها نحو التمكين والمشاركة الفاعلة في جميع المجالات. في هذا السياق، ألّفت الباحثة الأردنية وعد عبدالله العساف موسوعة بعنوان “إنجازات المرأة في ظل مئوية الدولة الأردنية”، التي تسلط الضوء على دور الرائدات الأردنيات اللواتي تجاوزن العقبات الاجتماعية والثقافية، وأثبتن أنفسهن في مختلف الميادين.
المرأة الأردنية وكسر حواجز الصمت والتحدي
على الرغم من الصعوبات التي واجهتها المرأة الأردنية في بداية رحلتها العملية، سواء من حيث العادات والتقاليد أو التحديات المجتمعية، إلا أنها استطاعت تحقيق إنجازات مبهرة. تضم الموسوعة أربعين شخصية نسائية برعت في مجالات متعددة، واستطعن تخطي حواجز الخوف والصمت لتحقيق أهدافهن. وتبرز العساف في مؤلفها أن النساء اللواتي انخرطن في سوق العمل في وقت مبكر كنّ يتمتعن بذكاء حاد وقدرات استثنائية، إضافة إلى شجاعة وإصرار مكّنوهن من التغلب على العوائق الاجتماعية والمهنية.
دور القيادة السياسية في دعم المرأة الأردنية
لم يكن تمكين المرأة الأردنية ممكنًا دون دعم القيادة السياسية، حيث كان للملك عبد الله الثاني بن الحسين دور أساسي في تعزيز مكانة المرأة في المجتمع. فقد وجه الحكومة إلى تطوير منظومة شاملة لحقوق الإنسان، تضمنت حقوق المرأة كجزء أساسي من خطط التنمية المستدامة. وأُطلقت الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان (2016-2025) التي تضمنت إصلاحات تعزز دور المرأة وتدعم حقوقها في مختلف المجالات.
المرأة الأردنية في مختلف القطاعات
مع مرور الوقت، أصبحت المرأة الأردنية عنصرًا أساسيًا في جميع القطاعات، بما في ذلك تلك التي كانت حكرًا على الرجال. نذكر على سبيل المثال:
- المجال السياسي: شهد الأردن تزايدًا ملحوظًا في تمثيل النساء في البرلمان، والحقائب الوزارية، والمناصب القيادية.
- المجال الاقتصادي: تمكنت المرأة الأردنية من إثبات كفاءتها في ريادة الأعمال والقطاع المصرفي والاستثماري، مما عزز مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
- المجال التعليمي والأكاديمي: أصبحت المرأة الأردنية جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، حيث تشغل مناصب أكاديمية مرموقة.
- المجال الصحي: برزت العديد من الطبيبات والباحثات في القطاع الصحي، وكان لهن دور كبير في تحسين الخدمات الصحية في المملكة.
اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة ودورها في تمكين المرأة
أسهم تأسيس اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة (JNCW) في تعزيز دور المرأة في التنمية الوطنية، حيث عملت على دعم تعميم منظور المساواة بين الجنسين وتقليص الفجوة بين التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة والمواقف المجتمعية الفعلية تجاهها. كما قدمت اللجنة برامج تدريبية وتأهيلية للنساء لمساعدتهن على دخول سوق العمل والمشاركة بفعالية في الحياة العامة.
التحديات والآفاق المستقبلية
رغم هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات تواجه المرأة الأردنية، منها:
- التفاوت في الفرص الاقتصادية، حيث لا تزال نسبة البطالة بين النساء مرتفعة مقارنة بالرجال.
- التمثيل السياسي المحدود، بالرغم من التقدم الحاصل، إلا أن تمثيل المرأة في المناصب القيادية لا يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير.
- العقبات الثقافية والاجتماعية، التي تحد من انخراط المرأة في بعض القطاعات، خاصة في المناطق الريفية.
ولكن، مع استمرار الجهود الحكومية والمجتمعية، تبدو آفاق المستقبل واعدة، حيث تتجه السياسات إلى تعزيز دور المرأة بشكل أكبر من خلال مبادرات دعم ريادة الأعمال النسائية، وزيادة فرص العمل، وتطوير بيئة تشريعية تعزز المساواة بين الجنسين.
إن إنجازات المرأة الأردنية على مدى المئة عام الماضية تعكس إرادة قوية ورغبة حقيقية في المساهمة في نهضة المجتمع. ومع استمرار دعم القيادة السياسية والمجتمع المدني، يمكن للمرأة الأردنية أن تحقق المزيد من النجاحات، وتصبح نموذجًا يُحتذى به في المنطقة العربية. إن موسوعة “إنجازات المرأة في ظل مئوية الدولة الأردنية” تمثل مرجعًا مهمًا لتوثيق هذه المسيرة المشرفة، وتسليط الضوء على قصص النجاح التي يمكن أن تلهم الأجيال القادمة.