علوم وتكنولوجيا

العلاقة بين العقل والأمعاء .. كيف يؤثر “الحوار الخفي” بين أعضاء الجسم على حياتنا؟

في كتابة المعنوّن “علاقة العقل بالأمعاء”، والصادر حديثاً، يقدم طبيب أمراض الجهاز الهضمي الألماني “أمران ماي” Emeran Mayer‎ نظرة جديدة ثورية عن كيفية تواصل المخ، والأمعاء، وتريليونات الكائنات المجهرية التي تعيش في الأمعاء معًا. وعلى نحو خاص، سأركز على الدور الذي تلعبه هذه الاتصالات في الحفاظ على صحة مخنا وأمعائنا.

يبحث “أمران ماي” فى الكتاب المترجم، الصادر عن “دار جرير” بالرياض، تأثير التبعات السلبية على هذين العضوين الناتجة عن تشويش المحادثات المتبادلة بينها، وأقترح طرقًا لتحقيق الصحة المثلى من خلال إعادة الاتصالات بين المخ والأمعاء وتحسينها.

جسمك.. هذه الآلة المعقدة

يقول المؤلف: عندما بدأت دراستي في كلية الطب في عام 1970، كان الأطباء ينظرون إلى الجسد على أنه آلة معقدة، تحتوي على عدد لا نهائي من الأجزاء المنفصلة.

وفى المتوسط، تعمل هذه الآلة لمدة خمسة وسبعين عامًا، شريطة أن تعتنى بها وتمدها بالوقود المناسب، وكالسيارة عالية الجودة، يعمل الجسد على نحو جيد، شريطة ألا يتعرض لحوادث كبرى، وألا يتضرر جزء أو ينكسر بصورة لا يمكن علاجها.

 ويضيف: كل ما كان يتوقع منك فعله هو إجراء بضعة فحوصات روتينية طوال عمرك للوقاية من أية علل غير متوقعة، وقد وفر الطب والجراحة أدوات فعالة لعلاج المشكلات الصحية الخطيرة مثل العدوى، أو الجروح الطارئة، أو أمراض القلب.

ورغم هذا، خلال الأعوام الأربعين والخمسين الماضية، كان هناك شىء أساسى جرى على نحو خطأ فيما يتعلق بصحتنا، ولم يعد النموذج القديم قادرًا على تقديم تفسير أو حل لكيفية علاج المشكلات، فلم يعد بالإمكان تفسير ما يحدث بسهولة بمجرد وجود عضو أو جين واحد معتل، بدلًا من ذلك، بدأنا ندرك أن الآليات التنظيمية المعقدة التى تساعد أجسادنا ومخاخنا على التكيف مع بيئتنا سريعة التغير، تتأثر بدورها بأنماطنا الحياتية المتغيرة، فهذه الآليات لا تعمل بصورة مستقلة وإنما كجزء من كل. وهى تنظم كميات الطعام التى نستهلكها، وعملية التمثيل الغذائي، ووزن الجسم، وجهازنا المناعي، وتطور مخاخنا وصحتها.

 وبدأنا ندرك توًّا أن الأمعاء، والميكروبات التى تعيش فيها – ميكروبيوتا الأمعاء – والجزيئات المرسلة للإشارات التى تنتجها من جيناتها الهائلة العدد – الميكروبيوم – تعد أحد المكونات الرئيسية لهذه الأجهزة التنظيمية.

يطرح الكتاب وجهة نظرة جديدة، ثورية، عن كيفية تواصل المخ، والأمعاء، وتريليونات الكائنات المجهرية التى تعيش فى الأمعاء معًا، وعلى نحو خاص، ويناقش التبعات السلبية على هذين العضوين الناتجة عن تشويش المحادثات المتبادلة بينها، وأقترح طرقًا لتحقيق الصحة المثلى من خلال إعادة الاتصالات بين المخ والأمعاء وتحسينها.

حول المؤلف:

أمران ماي, من مواليد 26 يوليو 1950 في تراونشتاين، ألمانيا متخصص فى أمراض الجهاز الهضمي، محاضر، مؤلف، محرر، مخرج أفلام وثائقية وأستاذ في أقسام الطب، علم وظائف الأعضاء والطب النفسي في كلية ديفيد جيفن للطب في جامعة كاليفورنيا ورائد في مجال البحث الطبي في تفاعلات القناة الهضمية الدماغية.

بدأت مسيرة “ماير” البحثية في معهد علم وظائف الأعضاء في ميونيخ، مع أطروحة حول الآليات التي يؤثر بها الدماغ على تدفق الدم التاجي في القلب أثناء الإجهاد النفسي. بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة، أكمل تدريبه التخصصي كأخصائي أمراض الجهاز الهضمي في جامعة كاليفورنيا، ومنذ ذلك الحين ركز عمله على الجوانب الأساسية والتحويلية والسريرية لتفاعلات الأمعاء الدماغية. لديه 30 عاماً من الخبرة دراسة الجوانب السريرية والعصبية الحيوية من كيفية تفاعل الجهاز الهضمي والجهاز العصبي في الصحة والمرض.

زر الذهاب إلى الأعلى