الصيام المتقطع: الحل الأمثل لتعزيز الصحة ومحاربة السمنة وأمراض الشيخوخة
الالتهام الذاتي، أو ما يعرف بـ Autophagy، هو عملية طبيعية يقوم بها الجسم لإصلاح نفسه من خلال إزالة الخلايا التالفة وإعادة تدوير مكوناتها، ما يسهم في تعزيز الصحة وتجديد الشباب. في السنوات الأخيرة، أصبح مفهوم الصيام المتقطع مرتبطًا بشكل وثيق بهذه العملية، حيث يساهم في تحفيز الالتهام الذاتي وتحقيق فوائد صحية متعددة، من مكافحة الشيخوخة إلى تحسين الوزن وإدارة الأمراض المزمنة.
أنواع الصيام المتقطع: هناك أنواع متعددة من الصيام المتقطع، أشهرها:
- نظام 16/8: وهو تناول الطعام خلال 8 ساعات من اليوم والصيام لمدة 16 ساعة، وهو أكثر الأنظمة شهرة وسهولة في التطبيق.
- نظام 5/2: يتم تناول الطعام بشكل طبيعي لمدة خمسة أيام في الأسبوع، مع تقليص السعرات الحرارية إلى 500-600 سعرة حرارية في اليومين الآخرين.
تشير الدراسات الحديثة إلى قدرة الصيام المتقطع على الوقاية من بعض الأمراض مثل السرطان ومرض الألزهايمر. إحدى الدراسات التي أُجريت على الفئران، والمعنونة “A Periodic Diet that Mimics Fasting Promotes Multi-System Regeneration, Enhanced Cognitive Performance, and Healthspan”، وجدت أن نظامًا غذائيًا يحاكي الصيام شهريًا يقلل من خطر الإصابة بالسرطان. تم تأكيد نتائج مشابهة في تجربة على البشر، حيث أظهرت انخفاضًا في المؤشرات البيولوجية المتعلقة بالسرطان.
الصيام والعلاج من السرطان: وجدت دراسة أخرى بعنوان “Fasting-Mimicking Diet Reduces HO-1 to Promote T Cell-Mediated Tumor Cytotoxicity” أن الجمع بين الصيام والعلاج الكيميائي يساهم في إبطاء تطور سرطانات مثل سرطان الثدي وسرطان الجلد. كما أدى هذا النهج إلى زيادة إنتاج الخلايا اللمفاوية التي تستهدف الأورام، مما يعزز من قدرة الجهاز المناعي على محاربة السرطان. إضافة إلى ذلك، يعزز الصيام إنتاج الخلايا الجذعية، التي تلعب دورًا رئيسيًا في تجديد الأنسجة وتحسين الصحة العامة.
الوقاية من الأمراض العصبية: وفقًا لدراسة بعنوان “Effects of intermittent fasting on cognitive health and Alzheimer’s disease”، يمكن أن يساعد الصيام المتقطع على مر السنين في عكس أو تأخير الإصابة بمرض الألزهايمر. كما يحسن الصيام المتقطع الوظائف العقلية ويعزز الذاكرة والتركيز.
تأثير الصيام على الصحة الأيضية: دراسة بعنوان “A time to fast” أثبتت أن الصيام المتقطع يقلل من الدهون الحشوية في الجسم ويحد من إنتاج الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة يمكن أن تتلف الحمض النووي والبروتينات وتزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
ما هو أفضل بروتوكول للصيام المتقطع؟ البروفيسور إيلي غاريوس، رئيس مستشفى جبل لبنان وأستاذ الغدد الصماء في جامعة البلمند، يشير إلى أن الصيام المتقطع أصبح اتجاهًا شائعًا بفضل فعاليته وقلة أضراره. يوضح أن الجسم بعد خمس إلى ست ساعات من الصيام يبدأ في استخدام الدهون لإنتاج أجسام كيتونية تمد الجسم بالطاقة وتقلل الشهية، مما يسهل الصيام لفترات أطول.
نصائح للصيام الصحي: ينصح البروفيسور غاريوس بأن أفضل نهج للصيام المتقطع هو التوقف عن تناول الطعام قبل النوم وتناول الوجبة الأولى عند منتصف النهار، مع الحرص على شرب كميات كبيرة من الماء. يوصى بألا تتجاوز فترة الصيام 18 ساعة يوميًا، خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أو السكري.
الصيام المتقطع كاستراتيجية لإنقاص الوزن: أخصائية التغذية جويل فرحة توضح أن الصيام المتقطع يعد استراتيجية فعالة لإنقاص الوزن وتحسين تركيب الجسم. يعزز الصيام المتقطع من عملية الالتهام الذاتي ويحافظ على الكتلة العضلية، خاصة إذا اقترن بممارسة التمارين الرياضية. كما يحسن صحة القلب والأوعية الدموية، ويقلل من خطر الإصابة بأمراض السكري من النوع 2.
مقارنة بين الصيام المتقطع والحمية التقليدية: رغم أن الحمية الغذائية التقليدية تركز على تقليل السعرات الحرارية، فإن الصيام المتقطع يعد أكثر فعالية في تعزيز العمليات الداخلية للجسم مثل تحسين الصحة الأيضية والوقاية من الأمراض المزمنة. إلا أنه ليس الحل المثالي للجميع؛ إذ يعتمد اختيار النظام الغذائي المناسب على نمط حياة كل فرد وأهدافه الصحية.
بناءً على الأبحاث العلمية، يوصى بالصيام المتقطع للأشخاص الذين يعانون من السمنة أو مشاكل صحية مثل مرض السكري، بالإضافة إلى الرياضيين الذين يسعون لتحسين أدائهم البدني. من ناحية أخرى، لا ينصح بالصيام المتقطع للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات غذائية أو النساء الحوامل والمرضعات.
في النهاية، الصيام المتقطع ليس مجرد حمية غذائية؛ إنه أسلوب حياة يعزز من الصحة العامة، يحسن الأداء الذهني، ويساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة. مع مراعاة استشارة الطبيب قبل البدء في هذا النظام، يمكن أن يكون الصيام المتقطع خيارًا مثاليًا لأولئك الذين يسعون لتحسين نوعية حياتهم وصحتهم على المدى الطويل.
