الصحة المستدامة

أن تكون طبيب أمراض جلدية

من الممتع، أحيانا، أن تكون طبيب أمراض جلدية، فهذا يجعلك محبوبا ومشهورا ومطلوبا بشدة في أي مكان تذهب إليه.

لو كنت طبيب أمراض جلدية، وقابلت شخصا لأول مرة، لا تعرفه ولا يعرفك، سواء في مقابلة مع الأصدقاء أو في اجتماع عمل أو في السوبر ماركت مثلا، أو حتى وأنت تستقل تاكسي أو المترو أو حتى ميكروباس، وعرف أنك طبيب أمراض جلدية، فغالبا سيفتح معك حوارا لطيفا على الفور، وغالبا سوف يمد يده إليك، وربما حتى رجله،  ليريك بقعة بيضاء أو أثرا لجرح أو التهابا جلديا قديما، ليسألك ما رأيك فيها وكيف يعالجها.

وربما أيضا يخبرك عن البقع البيضاء التي ظهرت في صدر وظهر ابنه الشاب، أو عن حب الشباب الذي ظهر لابنته المراهقة، أو عن الإكزيما المزمنة التي تعاني منها زوجته أو والدته.

أما إذا كان هذا الشخص آنسة أو سيدة، فبالتأكيد ستشكو لك أن شعرها يسقط أو أنه لا ينمو، مع أنه كان زمان طويلا وجميلا وناعما وقويا، أو ستسألك عن كريم لتفتيح البشرة وإزالة البقع، أو ربما قد تستشيرك في كيفية التعامل مع التجاعيد التي ظهرت في وجها، وإذا كان من الضروري أن تقوم  بعمل بوتوكس أو فيلرز زي ما الستات بتعمل. 

طبعا في كل تلك الحالات، يجب عليك بصفتك طبيبا كبيرا وإنسانا طيبا، أن تجد لهم الإجابات على تساؤلاتهم، وأن تصف لهم، وفورا، العلاج الضروري، رغم أن معظمهم قد يكونون استشاروا أطباء جلدية آخرين، بل ربما يكونون بالفعل يستعملون علاجات أخرى، لكن طبعا زيادة الخير خيران، ورأيان أفضل من رأي واحد.

أنا شخصيا دائما ما يكون معي قلما وورقا في أي حقيبة أحملها، وأضع أيضا ورقة وقلما في السيارة تحسبا لمثل هذه المواقف، وغالبا ما أقوم فعلا بوصف بعض العلاجات لكثير من هذه الشكاوى الجلدية، إلا لو رأيت أن بعضها قد يحتاج إلى تحاليل معينة، فأنصح الشخص بإجرائها أولا قبل استخدام أي علاج.

ربما يحدث مثل هذا مع بعض التخصصات الطبية الأخرى، ولكن بالطبع ليس كما يحدث مع طبيب الأمراض الجلدية بالذات، فمثلا لو قابل شخص ما جراحا أو طبيب أمراض نساء أو طبيب عيون أو طبيبا نفسانيا، فمن المستبعد أن يسأل هذا الشخص الجراح على الملأ وأمام الناس عن علاج جراحي للفتاق أو الناصور الذي يعاني منه، ومن المستبعد أن تسأل سيدة طبيب أمراض النساء عن الاضطرابات التي تصيبها كل شهر، أو يطلب شخص من طبيب العيون أن يقوم بعمل كشف نظر له لأنه يجد صعوبة في القراءة، أو يشكو شخص للطبيب النفساني من أنه يعاني من اكتئاب حاد ويفكر جديا في الانتحار أو قتل زوجته. 

طبيب الأمراض الجلدية هو الطبيب الوحيد، تقريبا، الذي يمكن أن يكشف على المريض ويشخصه ويعالجه في أي مكان، حتى في الأتوبيس أو الميكروباس أو حتى في الشارع.

وهكذا، وكما ترى، يمكن للتخصص في الأمراض الجلدية أن يجعلك شخصا اجتماعيا لطيفا، وإنسانا محبوبا ومشهورا، حتى لو  لم تكن ترغب في هذا كله.

د. هاني سليمان

استشاري الأمراض الجلدية و التناسلية

زر الذهاب إلى الأعلى