الصحة المستدامة

أكثر الفلزّات وخامس العناصر الكيميائية من حيث الوفرة .. تعرف على أهمية الكالسيوم لجسم الإنسان

للعنصر الكالسيوم أهمّية حيوية كبيرة، فهو أكثر الفلزّات وخامس العناصر الكيميائية من حيث الوفرة في جسم الإنسان. ويلعب الكالسيوم العديد من الأدوار الحيوية والهامة في العمليات والوظائف الفيزيولوجية والكيميائية الحيوية في الخلايا؛ كما يدخل الكالسيوم كذلك في تركيب العظام. يؤدي نقصه إلى اضطراب في الوظائف الحيوية وهشاشة العظام والأسنان وتقلص في العضلات. يوجد عدد من المصادر الغذائية الغنية بالكالسيوم مثل الحليب ومشتقاته، وكذلك في بعض المصدار النباتية مثل القرنبيط الأخضر.

قلة من الناس هى التى تولى عنصر الكالسيوم أي اهتمام, باستثناء الحوامل و”مهووسي الصحة”. أما اليوم فيعلن وجود الكلسيوم في كل شئ, حتى فى المرطبات والعلكة,  (اللبان). وفي وِسع المتسوقين في المتاجر الكبرى أن يملأوا عربة الشراء بأصناف كاملة من الأطعمة الفاخرة التى تحتوي على الكالسيوم, وإن يكن آتياً فقط من الحليب المضاف إلى تلك الأصناف.

وعلى رغم الضجة الإعلامية الحاصلة فإن الجمهور يبقى جاهلاً على نحو خطر حقيقة هذا المعدن الحيوي والدور الأساسي الذي يؤديه فى جسم الإنسان.

شعور مفاجئ

عام 1982 أعلن الدكتور “روبرت هيني”, وهو الباحث الشهير حينئذ فى أمراض العظم فى جامعة كريتون فى أوماها, نتائج دراسته التى استغرقت 15 سنة وشملت 200 امرأة في منتصف العمر. قال في مؤتمر صحفي للجمعية الأمريكية لأبحاث العظم والمعادن: “النساء اللواتي اتبعن نظاماً غذائياً قليل الكلسيوم كن يفرزن من الكلسيوم كمية أكبر مما يتناولون يومياً. لذلك استنتجت أنهن يعانين فقراً فى كثافة العظم وأنهن في خطر الإصابة بمرض نخر العظام. فى فترة متقدمة من حياتهن.

أما أولئك اللواتي كن يتناولن كميات كبيرة من الكلسيوم فحافظن على عظام سليمة.”

وتابع الباحث شارحاً أن نخر العظام مرض غير قابل للشفاء ولكن تمكن معالجته, وهو مرض هشاشة العظام الذي يصيب ملايين النساء اللواتي تجاوزن الخامسة والأربعين. وبين ليلة وضحاها أصبح هذا المرض حديث كل بيت. فروج منتجو الأطعمة إعلانات تصور النساء المتقدمات في السن يعانين التقلص والاحديداب, وغالباً ما كانت الرسالة تفيد أن تناول الكلسيوم يجب أن يكون من الاهتمامات الأولية للنساء المتقدمات في السن. وأن في إمكانهن تفادي مرض نخر العظام بمجرد زيادة استهلاك الكالسيوم.

والحقيقة أن الكالسيوم لا يمكنه شفاء مرض نخر العظام, بل ليس من شئ يمكنه ذلك. والحل الوحيد هو اتقاء حدوث المرض, وهذا يتضمن تناول كمية كافية من الكالسيوم طوال الحياة. لكن غالبية الناس لا يحمون أنفسهم لأنهم لا يملكون الحقائق الكافية.

بنك العظام

أن كمية الكلسيوم في الجسم تفوق كمية أي معدن آخر. والشابة البالغة تحتوي فى جسدها نحو 1000 جرام من الكلسيوم, أما الشاب البالغ فيحوي جسده قرابة 1500 جرام. وأن 99% من هذه الكمية موجودة فى العظام والأسنان, أما البقية فهي ضرورية لدعم كل خلية فى الجسم على تأدية وظيفتها.

يرى الدكتور روس أدي, عالم البيولوجيا العصبية والرئيس السابق لقسم الأبحاث فى مركز لوما ليندا الطبي في كاليفورنيا, أن “الكالسيوم ضروري لكل العمليات الحياتية”. فدقات القلب والجهاز الهورموني وانقباض العضلات ووظائف الدماغ والعيون والأذن جميعها تعتمد على الكلسيوم. وله أيضاً دور فاعل فى عملية تخثر الدم وانقسام الخلايا.

يكسب الكالسيوم هذه التأثيرات الواسعة بفعل عملية معقدة. هناك دائماً نسبة عالية من الكلسيوم فى السائل الموجود بين الخلايا والمحيط بها. ولكن داخل كل خلية نسبة ضئيلة جداً من الكالسيوم تساوي جزءاً من عشرة آلاف من النسبة المتوافرة خارج الخلية. لذلك عندما تدخل الخلية كمية ضئيلة جداً من الكلسيوم فإنها تتحكم بالنشاطات الحيوية كالأيض والنمو والتقلص. ومن دون شحنة الكلسيوم هذه يتوقف الجسم عن العمل.

لا يستطيع الجسم إنتاج الكلسيوم. ولكن بما أن وجود مقدار ضئيل منه هو مسألة حياة أو موت, فإن الجسم والدماغ لا يتكلان فقط على عادات الشخص الغذائية لتعويض الكلسيوم الضائع من جراء الإفرازات والاستهلاكات الطبيعية.

إن “ميزان الكلسيوم” هو في الغدد “الجنبدرقية” التى تفرز هورمونات تنظم مستوى المعدن الذي يدور مع الدم وفي السوائل بين الخلايا. وإن لم تكن هناك كمية كافية منه فإن “الميزان” يعمل على سحب كميات كافية من “بنك العظام”.

إن الفترة الممتدة بين الطفولة ومستهل الشباب هي الوقت الملائم لإيداع الكالسيوم فى “بنك العظام”. وقد أظهرت دراسة أجراها الدكتور “فيليمير ماتكوفيتش”, أن للعظام اليافعة قدرة على اكتساب قوة وكثافة. وهو اكتشف أن الفتيات المراهقات اللواتي يستهلكن كمية أكبر من الكالسيوم يختزن كمية أكبر, وهذا أمر يستحيل حدوثه في سن متقدمة. وفى نحو الخامسة والثلاثين من عمرنا نبدأ جميعنا خسارة كمية من المادة العظمية أكبر مما تستطيع أجسادنا إنتاجه, وإذا لم نكن حصلنا على كمية قصوى من العظام إلى ذلك الوقت فإن انحدارنا سيكون أسرع عندما نبدأ استهلاك الكلسيوم بفاعلية أقل.

الكمية المطلوبة

 ويحدد خبراء “معهد الصحة الأمريكية” كمية الكلسيوم اليومية التى ينصح بها ضمن النظام الغذائي بـ 800 مليجرام للذين تراوح أعمارهم بين سنة وعشر سنين و 1200 مليجرام للذين تراوح أعمارهم بين 11 و 18 عاماً و 1000 مليجرام للبالغين و 1500 مليجرام للنساء اللواتي قطعن سن اليأس ولا يعالجن بالاستروجين وللمتقدمين في السن.

والحقيقة المرعبة هي أن كمية الكلسيوم التى تتناولها غالبية الناس هى أقل كثيراً من الكمية التى يجب تناولها. ويقول الخبراء ان بين كل ست فتيات مراهقات هنالك أقل من واحدة تتناول نصف كمية الكلسيوم المطلوبة.

لماذا هذا النقص؟ فى جيل مضى كل الأولاد يتقبلون كلام أمهاتهم: “اشربوا الحليب, إنه مفيد لعظامكم”.

إن منتجات الحليب الغنية بالمواد الغذائية تؤمن المصدر الأفضل للكلسيوم. ويحتوى كوب من الحليب الكامل الدسم على نحو 290 مليجراماً من الكلسيوم. أما الحليب القليل الدسم والحليب المقشود فيحتوي الكوب منهما على كمية أكثر من ذلك قليلاً. ويحتوي الحليب أيضاً على عدة عناصر مغذية ضرورية لامتصاص الكلسيوم, وعلى الفيتامين “د” وكميات عالية من البروتين. وبناء عليه فإن ثلاثة أكواب من الحليب يومياً, إضافة إلى وجبات خفيفة من اللبن والجبن, تسد حاجة الولد إلى الكلسيوم وتؤمن له عناصر أساسية أخرى.

وفى الأخير: لقد أصبح الحليب ومشتقاته أغذية غير مستحبة لدى المراهقين هذه الأيام. وجزء من السبب يعود إلى ان عدداً كبيراً من الفتيات دائمات القلق على الزيادة التى تطرأ على وزنهن. وإلى ذلك فإن ترويج المرطبات أوصلها حتى إلى مائدة الفطور, وبات الاعتقاد السائد أن “الحليب للأطفال والمرطبات للكبار”.!

زر الذهاب إلى الأعلى