آراء

منبر الفكر والإبداع .. تجربتي ومشاركتي في ديوانية القلم الذهبي

البروفيسور محمد بن حمود الطريقي:

بمبادرة كريمة من لدن معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه بقيادة الأستاذ ياسر مدخلي..

ديوانية القلم الذهبي تمثل فضاءا معرفيا يواكب رؤية المملكة 2030

انطلاقًا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – في تعزيز الهوية الوطنية وتمكين الثقافة كركيزة أساسية للتنمية المستدامة، تأتي ديوانية القلم الذهبي لتجسّد أحد النماذج الملهمة في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030.

تُعد الديوانية ملتقىً ثقافيًا فكريًا يُقام بشكل دوري، يجمع نخبة من المثقفين والأكاديميين والمهتمين بالشأن الفكري والاجتماعي، حيث تُطرح فيها حوارات مفتوحة وندوات حول موضوعات محورية مثل: التوحيد، التاريخ الوطني، القيم، التنمية، وحقوق الإنسان، بما يعزز الوعي الثقافي ويصنع فضاءً معرفيًا مُلهِمًا.

وقد أُطلقت هذه المبادرة من معالي المستشار الأستاذ تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه، وبإدارة الإعلامي المبدع الأستاذ ياسر مدخلي، لتكون منصة تجمع العقول، وتحتضن المواهب، وتُسهم في صناعة مشهد ثقافي يواكب تطلعات الوطن.

وبهذه الجهود المباركة، تواصل ديوانية القلم الذهبي دورها في بناء جيلٍ واعٍ، ونشر قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية، وإبراز الثقافة السعودية كرافد أساسي من روافد التنمية الوطنية.

جزيل الشكر وعظيم الامتنان لكل من أسهم في إنجاح هذه المبادرة الوطنية الرائدة.

وهذا نص كلمة البروفيسور محمد بن حمود الطريقي

رئيس مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل

في اللقاء الأسبوعي لـ ديوانية القلم الذهبي

في حوار مفتوح بعنوان

تأملات في التوحيد  ” الدولة السعودية الثالثة ”

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتوحد الصفوف وتثبت الأركان، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الحضور الكرام،

حين نتأمل مسيرة التوحيد والدولة السعودية الثالثة، فإننا نقرأ فصلًا استثنائيًا في تاريخ هذه الأمة، فصلًا سطّره الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – بالثبات والعزيمة، وكان توحيد القلوب سبيله إلى توحيد الأرض، وإرساء دعائم دولته الحديثة التي اتخذ من العقيدة أساسًا لها، ومن الوحدة الوطنية نهجًا، ومن الإنسان محورًا وغاية للتنمية والبناء.

ولأن الإنسان كان غاية المؤسس التي جالد بالسيف من أجلها، ثم صالح من أجلها، فحتى أولئك الذين التقاهم في ميادين معارك التوحيد، كان إدخالهم في أكناف دولته غاية وهدفًا من أهداف مشروعه الإنساني الإسلامي الكبير، فلما أدركوا أن الرجل لم يرد إلا الإصلاح، ألقوا السيوف جميعًا، ومدوا إليه أياديهم بالسلام، وعقدوا الأيمان على الانضواء تحت لواء التوحيد، والنتيجة ما نعاينه اليوم من لحمة وطنية خلف القيادة، يتعجب منها العدو قبل الصديق.

وإذا كان الإنسان غاية عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود التي بذل عمره المبارك من أجلها، فقد كان لذوي الإعاقة، الشطر الأكبر من اهتمامه ورعايته طيب الله ثراه، فكانوا بالنسبة إليه فئة غالية على القلوب، ونظرت إليهم دولته بوصفهم شركاء وطن فاعلين، وركيزة أساسية في مشروع التنمية المستدامة الكبير الذي أطلقه المؤسس، ثم لم تتوقف عجلته إلى اليوم عن الدوران.

وقد تجلى اهتمام المؤسس وخلفائه ملوك دولته من بعده بذوي الإعاقة في خطوات استراتيجية واضحة، جاء في مقدمتها:

تقنين الحقوق: من خلال صدور أنظمة وتشريعات تنظم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم، والعمل، والحياة الاجتماعية، بما يضمن مساواتهم وعدم التمييز ضدهم.

وتلا تقنين الحقوق، التأهيل والتمكين: تطوير مراكز متخصصة للتأهيل المهني والعلاجي والنفسي، لتزويدهم بالمهارات اللازمة للاندماج الفاعل في المجتمع وسوق العمل

ثم جاء دور برامج الدمج الشامل: مثل مبادرات توظيف ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص، وبرامج التعليم المتكامل داخل المدارس والجامعات، بما يحقق المشاركة المجتمعية الكاملة.

ولضمان استدامة تفعيل حقوق ذوي الإعاقة أسست الدولة هيئات متخصصة تقوم على شؤونهم وتضمن حقوقهم: كالهيئة العامة لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تعمل على تنسيق الجهود، ووضع السياسات الوطنية، وضمان تقديم الخدمات النوعية بما يتوافق مع المعايير العالمية.

هذه الجهود، التي تستند إلى رؤية استراتيجية واضحة، تؤكد أن المملكة لا تنظر للأشخاص ذوي الإعاقة كمستفيدين فقط، بل كشركاء حقيقيين في البناء والتنمية، وأن كل إنجاز وطني لا يكتمل إلا بمشاركتهم الفاعلة ومساهمتهم المستمرة.

أيها الأحبة،

إن التوحيد الذي ننعم بثماره اليوم ليس مجرد وحدة جغرافية، بل هو وحدة هوية، ووحدة غاية ومصير. ومن هنا تأتي أهمية دور الأديب والإعلامي والفنان والمثقف في التعبير عن الوطن: بالكلمة الصادقة، بالصورة الملهمة، وبالفعل المبدع الذي يترجم قيم الوحدة والانتماء إلى سلوك حضاري يرسخ في وجدان الأجيال.

 

ختامًا، إن ذكرى التوحيد تدعونا جميعًا لمزيد من الولاء والعطاء، وتضع على عاتقنا مسؤولية أن نكون شركاء فاعلين في صون مكتسبات هذا الوطن العظيم، وخدمة إنسانه، ورعاية كل فئاته بلا استثناء، ليبقى وطننا شامخًا، ملهمًا، ورائدًا بين الأمم.

وختاما فإن الانضمام إلى ديوانية القلم الذهبي لم يكن مجرد حضورٍ لفعالية ثقافية، بل كان عبورًا إلى فضاء ثري يجمع بين الفكر العميق والإبداع المتجدد، في إطار يعكس روح الوطن ورؤية قيادته.

في أجواء الديوانية، تتلاقى العقول والقلوب على طاولة واحدة، حيث يطرح كل مشارك تجربته ورؤاه، ليُسهم في صياغة خطاب وطني متوازن يجمع بين الأصالة والمعاصرة. وقد لمست عن قرب كيف أن النقاشات لم تكن حوارًا عابرًا، بل ورش تفكير حيّة تبني وعيًا وتفتح آفاقًا جديدة للتأمل في قضايا المجتمع والدولة.

لقد حملت مشاركتي في هذا الفضاء قيمة خاصة، إذ أُتيح لي أن أعبّر عن قناعتي بأن الثقافة والفكر هما أساس التنمية الشاملة، وأن بناء الإنسان الواعي هو جوهر رؤية المملكة 2030 التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.

كما لا يفوتني أن أُشيد بصاحب المبادرة معالي المستشار الأستاذ تركي آل الشيخ الذي جعل من الديوانية مساحة نابضة بالإبداع، وبالمدير الإعلامي المبدع الأستاذ ياسر مدخلي الذي يقودها بروح ملهمة، تجمع بين التنظيم والعمق.

إن تجربتي مع ديوانية القلم الذهبي علمتني أن الحوار الحر هو أقصر الطرق لبناء وطنٍ متماسك، وأن مشاركة الفكر ليست ترفًا، بل مسؤولية وطنية ورسالة حضارية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

زر الذهاب إلى الأعلى