علوم وتكنولوجيا

هل تواجه صناعة الذكاء الاصطناعي تباطؤاً في التطور؟

الذكاء الاصطناعي: من قفزات هائلة إلى تباطؤ محتمل؟

شهدت السنوات الأخيرة تطورات سريعة ومذهلة في مجال الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بنماذج لغوية كبيرة تعتمد على كميات هائلة من البيانات المتاحة عبر الإنترنت. ولكن وفقاً لتحذيرات من ديميس هاسابيس، أحد رواد الذكاء الاصطناعي، يبدو أن هذه الوتيرة السريعة قد تواجه تباطؤاً في المستقبل القريب.

نفاد البيانات: تحدٍّ جديد أمام الذكاء الاصطناعي

على مدى سنوات، كان الباحثون يعتمدون على قاعدة بسيطة: المزيد من البيانات يعني أنظمة أفضل. لكن هذا الاتجاه بدأ يفقد زخمه بسبب استنفاد معظم النصوص الرقمية المتاحة على الإنترنت.

  • أشار هاسابيس، مدير مختبر «غوغل ديب مايند»، إلى أن الصناعة تواجه الآن “عائدات متناقصة”.
  • أظهرت المقابلات مع خبراء ومديرين تنفيذيين في المجال أن صناعة التكنولوجيا قد استهلكت بالفعل معظم المحتوى الرقمي القابل للاستخدام.

قوانين التوسع: هل تصل إلى نهايتها؟

في عام 2020، قدم جاريد كابلان مفهوم “قوانين التوسع”، الذي أظهر أن النماذج اللغوية تتحسن مع تحليل المزيد من البيانات. ولكن مع استنفاد النصوص الرقمية، يبدو أن هذه القوانين قد وصلت إلى حدودها.

  • يشبه هذا السيناريو تباطؤ “قانون مور” في مجال أشباه الموصلات، حيث بدأت وتيرة زيادة قوة الحوسبة تتباطأ بعد أربعة عقود من النمو المستمر.

مخاوف واستثمارات ضخمة

رغم هذه التحديات، تستمر الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي:

  • أعلنت شركة “داتابريكس” مؤخراً عن تمويل ضخم بقيمة 10 مليارات دولار، وهو الأكبر لشركة ناشئة في هذا المجال.
  • تستثمر شركات مثل “نيفيديا” و**”ميتا”** بشكل كبير في البنية التحتية لمراكز البيانات لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.

ولكن، كما تقول راشيل بيترسون من شركة ميتا:
“مع كل الأموال التي يتم إنفاقها، هناك تساؤلات حول مدى استمرار هذا الزخم.”

حلول محتملة: بيانات اصطناعية وتعليم ذاتي

للتغلب على محدودية البيانات المتاحة، يعمل الباحثون على تطوير حلول مبتكرة:

  1. البيانات الاصطناعية:
    • يتم تدريب النماذج على البيانات التي تولدها بنفسها، مما يتيح لها التعلم من أخطائها وتجاربها.
    • تُستخدم هذه الطريقة حالياً في مجالات مثل الرياضيات والبرمجة، حيث تكون الإجابات الصحيحة واضحة.
  2. تغييرات في التقنيات:
    • نماذج جديدة مثل OpenAI o1 تُركز على الاستفادة من البيانات المركبة لتحسين الأداء.
    • ولكن، قد تظل هذه الحلول محدودة في بعض المجالات.

هل يتباطأ الابتكار؟

رغم التفاؤل الذي يعبر عنه قادة مثل سام ألتمان (OpenAI) وجينسن هوانغ (نيفيديا)، إلا أن البعض يعترف بأن الصناعة قد تواجه تحديات كبيرة:

  • قد يتطلب الوصول إلى ذكاء اصطناعي يضاهي قوة العقل البشري “أفكاراً جديدة تماماً”، كما أشار هاسابيس.
  • يضيف إيليا سوتسكيفر، مؤسس شركة ناشئة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي: “لقد وصلنا إلى ذروة البيانات. علينا الآن التعامل مع البيانات الموجودة فقط.”

مستقبل الذكاء الاصطناعي: تباطؤ أم تحول؟

بينما تواجه الصناعة تحديات متزايدة، فإن التباطؤ المحتمل قد يدفع نحو الابتكار في مجالات جديدة.

  • يمكن أن تصبح التقنيات البديلة، مثل التعلم الذاتي والبيانات المركبة، الركيزة الأساسية للتقدم.
  • ومع استمرار ضخ الاستثمارات، يبدو أن القطاع سيواصل استكشاف طرق مبتكرة للحفاظ على وتيرة التطور.

قد لا تكون قوانين التوسع الأبدية، لكن التحديات التي تواجه صناعة الذكاء الاصطناعي اليوم قد تمهد الطريق لمرحلة جديدة من الابتكار. السؤال الآن ليس فقط كيف سنتعامل مع نقص البيانات، ولكن كيف يمكن أن نشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي بطرق أكثر ذكاءً واستدامة.

زر الذهاب إلى الأعلى