منطقة دماغية تخزن الخوف: اكتشاف جديد يعيد تشكيل فهم الذاكرة والعلاج النفسي

توصل علماء في جامعة كولومبيا إلى اكتشاف مهم حول كيفية تخزين الدماغ للذكريات المرتبطة بالخوف والتهديد، وهي عملية يتم التحكم بها من خلال منطقة دماغية تعرف باسم CA2. هذا الاكتشاف، الذي نُشر في دورية Nature Neuroscience، يكشف أن هذه المنطقة تعمل كأرشيف لتخزين الذكريات السلبية التي ترتبط بالخطر، ويعيد تشكيل الطريقة التي نفهم بها الذاكرة البشرية والاضطرابات النفسية.

الذاكرة الاجتماعية والخوف تلعب منطقة CA2 دورًا رئيسيًا في تكوين الذكريات الاجتماعية، مثل تذكر الوجوه والأشخاص المرتبطين بتجارب سلبية أو تهديدات. ويشير الباحثون إلى أن الدماغ يستخدم هذه المنطقة لتحديد ما إذا كان الشخص أو التجربة تمثل خطرًا، مما يساعدنا على اتخاذ قرارات حول تجنب أو مواجهة التهديدات المحتملة في المستقبل.

في الدراسة، أجرى الباحثون تجارب على الفئران، حيث قدموا لهم خيارين: لقاء مع فأر آخر في مكان آمن، أو مواجهة صدمة كهربائية خفيفة في مكان آخر. تعلمت الفئران بسرعة ربط التهديد بالفأر الذي واجهته في تلك التجربة، مما أظهر بوضوح الدور الحاسم لمنطقة CA2 في تخزين هذه الذكريات المخيفة.

الآثار على الاضطرابات النفسية يعزز هذا الاكتشاف فهمنا لكيفية نشوء الاضطرابات النفسية المرتبطة بالخوف، مثل القلق الاجتماعي واضطراب ما بعد الصدمة. تشير الدراسة إلى أن منطقة CA2 لا تكتفي بتخزين الذكريات المخيفة فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا في تمييز الأفراد المرتبطين بتلك التجارب السلبية، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج هذه الاضطرابات من خلال استهداف هذه المنطقة.

تأثيرات أوسع على الصحة النفسية تشير الدراسات السابقة إلى أن الاضطرابات في منطقة CA2 ترتبط بحالات مثل الفصام والتوحد، حيث يجد المرضى صعوبة في التعامل مع المواقف الاجتماعية أو تمييز الأفراد الآمنين عن المهددين. وقد يساعد استهداف هذه المنطقة من الدماغ على تطوير علاجات جديدة تُحسّن من تفاعل المصابين بهذه الحالات مع المجتمع.

يمثل اكتشاف منطقة CA2 ودورها في تخزين الذكريات المرتبطة بالخوف خطوة ثورية في علم الأعصاب. هذا الاكتشاف لا يوفر فقط رؤى جديدة حول كيفية عمل الذاكرة الاجتماعية، ولكنه يفتح الباب لتطوير علاجات تستهدف الاضطرابات النفسية المرتبطة بالخوف، مما يمنح الأمل للعديد من الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات.