“مايسة الألفي”.. تغلبت على الشلل بالعمل الروائي والتأليف
هناك مثل يقول: “أم الدلّال لا تفرح ولا تحزن” والدلال هو الجبان الذي لا يمتلك روح الإقدام على أي أمر، فهو لن يُدخِل على قلب أمه الفرح لأنه لم يدخل معترك الحياة والنضال، وكذلك لن يدخل على قلب أمه الفزع والخوف لأنه لم يخاطر في شتى مناحي التفوق.
إذا ما كنت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ كطعم الموت في أمرٍ عظيـمِ
أصيبت “مايسة الألفي” بشلل الأطفال وعمرها 6 أشهر، لكن والديها أصروا أن تتعلم رغم الظروف التي ألمت بها، فكانت والدتها تحملها إلى المدرسة حتى الصف الخامس الابتدائي؛ وبعدها تمكنت الأسرة من شراء كرسي متحرك.
تعلمت مايسة الكتابة في مرحلة الثانوية، تقول:” أحببت الكتابة منذ الصف الأول الثانوي، وكان أول شيء كتبته عبارة عن بيتين من الشعر مديحًا في مدرس اللغة العربية”، وقررت الأسرة أن تكتفي بتعليمها عند مرحلة الثانوية، لكن مايسة لم تستسلم وأصرت على استكمال دراستها.
تحولت “مايسة” إلى نظام التعليم المنزلي وأصبحت الأولى على مدرسة المنازل، ثم التحقت بعد تفوقها في الثانوية بكلية البنات جامعة عين شمس، واستقرت في المدينة الجامعية. وكان والدها يأتي من ريف محافظة القليوبية يوميًا لتوصيلها لحي مصر الجديدة حيث تقع الكلية، حتى تعرفت على زميلات ساعدنها في الوصول للكلية من المدينة الجامعية.
ونظرًا لعدم وجود مصعد بالكلية كانت زميلاتها يحملنها بالكرسي إلى الدور الرابع حيث مكان المدرج الدراسي، وتخرجت من الكلية بتقدير جيد، ثم عملت بمهنة الصحافة، فنشرت حوارات صحفية وتحقيقات أدبية وتقارير، وهو الأمر الذي كشف لها الكثير من هذا العالم، فكانت الصحافة بوابتها الحقيقية لدخول عالم الأدب.
احترفت الألفي الكتابة في عالم الصحافة، فأمسكت بابًا في الصفحة الأدبية بإحدى الصحف، وكان لتشجيع رئيس تحريرها الفضل في إيمانها بذاتها ومواصلة الكتابة، تقول:” كنت صحفية في الصفحة الأدبية ورغم صعوبة الحركة كنت أضطر لركوب سيارة خاصة من قريتنا للقاهرة، وكانت ترهقني في الأجرة، إلى أن حاولت إيجاد بديل، وهو أن أقوم بإعطاء دروس للطلبة في مادة اللغة العربية بحسب تخرجي، وبالمقابل الذي أتحصل عليه من الدروس أقوم بتأجير سيارة للذهاب للصحيفة.
تقول:” قمت بإجراء الكثير من الحوارات الصحفية، والتقارير والتحقيقات، وحدث أن أغلقت الجريدة أبوابها، فاشتريت جهاز كمبيوتر وحدث أن عينت في وظيفة حكومية وقمت بعمل صفحة خاصة بي على “فيس بوك”، ورحت أنشر ما أكتب، إلى أن طالبتني بعض الصحف للكتابة لها مثل روز اليوسف والدستور واليوم السابع، ورحت أنشر قصصي، حتى قررت نشر قصصي في مجموعة قصصية.
وعلى الرغم من رفض بعض دور النشر نشر مجموعتها القصصية، إلا أنها لم تيأس وحاولت أكثر من مرة، حتى جاءتها البشرى في صورة أشخاص يقيضهم الله لخدمة الناس، تقول:” كان هناك الأستاذ محمد حامد وله باع كبير في النشر بالدور المختلفة، قرأ مجموعتي القصصية وأعجبته جدًا وتحدث مع مدير إحدى دور النشر والذي أثنى على مجموعتي، وقال إن أسلوبك جميل فعلاً، وكان كتابي الأول “الرداء الأحمر”، الذي نُشر في عام 2016.
وفي عام 2017 قدمتْ مجموعتها القصصية “حلم ورقة” لدار نشر أخرى إلا أنها أغلقت أبوابها فجأة بعد تعثر صاحبها، فلم تيأس، فقدمتها لدار أخرى فأعجبتهم المجموعة، وأصدرتها تزامنًا مع معرض الكتاب في يوبيله الذهبي، تقول: “كل هذا شجعني لحضور حفلات التوقيع فأقوم بالادخار من مرتبي وأحضر للقاهرة بسيارة خاصة، وفى الأخير لا توجد حجج تمنع إنسانًا موهوبًا من إثبات موهبته”.