البيئة والطاقة المستدامةبيئة ومناخ

كيف يعزز الاحتباس الحراري قوة الأعاصير؟

تشير الأبحاث إلى أن الاحتباس الحراري يلعب دوراً مهماً في تعزيز قوة الأعاصير، لا سيما مع تزايد ارتفاع حرارة المحيطات. مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، تشهد الأعاصير تغيرات ملحوظة، أبرزها ظاهرة “الاشتداد السريع”، والتي تتجلى في الزيادة الحادة في سرعة الرياح خلال فترة زمنية قصيرة. وتُعتبر الأعاصير مثل “هيلين” و”ميلتون” التي ضربت السواحل الأمريكية في عام 2024 مثالاً واضحاً على هذه الظاهرة.

ما هو “الاشتداد السريع”؟

“الاشتداد السريع” هو مصطلح يستخدم لوصف الزيادة السريعة في سرعة الرياح التي تزيد بمقدار 35 ميلاً في الساعة أو أكثر خلال 24 ساعة. هذه الظاهرة أصبحت أكثر شيوعاً في العقدين الماضيين، وفقًا لموقع ناشيونال جيوغرافيك، وتؤدي إلى أعاصير أكثر قوة وتدميراً، مما يجعل التنبؤ بمدى شدتها أكثر صعوبة.

على سبيل المثال، شهدت العاصفة الاستوائية “أوتيس” في أكتوبر 2023 تحولاً سريعاً إلى إعصار من الفئة الخامسة في أقل من 24 ساعة، مع بلوغ سرعة الرياح 165 ميلاً في الساعة. وقد لوحظت ظاهرة مماثلة مع إعصار “لي” في سبتمبر من العام نفسه، حيث تضاعفت سرعة الرياح من 80 إلى 165 ميلاً في الساعة خلال وقت قصير.

الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة المحيطات

يعتبر ارتفاع حرارة المحيطات العامل الرئيسي الذي يسهم في تسريع الأعاصير. تعمل المياه الدافئة على تغذية العواصف المدارية بالطاقة اللازمة لتقويتها. كما أن الهواء الرطب المحيط بالأعاصير يعزز احتجاز الرطوبة والطاقة داخل العاصفة، مما يزيد من قوتها واستمراريتها. نتيجة لذلك، يتزايد عدد الأعاصير ذات الاشتداد السريع، وتصبح أكثر خطورة.

الأبحاث العلمية والدلالات

أشارت دراسة نُشرت في مجلة نيتشر إلى أن الأعاصير التي تشتد بسرعة أصبحت أكثر شيوعاً قرب السواحل مقارنة بحالها قبل 40 عاماً. الأعاصير مثل “إيان” في عام 2022 و”مايكل” في 2018 أظهرت هذا التوجه، حيث تسببت في دمار واسع وأضرار اقتصادية كبيرة.

ومن الأمور المثيرة للقلق أن التغيرات السريعة في شدة الأعاصير تجعل من الصعب التخطيط لعمليات الإجلاء، مما يزيد من عدد الضحايا والخسائر البشرية. على سبيل المثال، إعصار “هيلين” الذي ضرب فلوريدا في سبتمبر 2024، تضاعفت قوته ليصل إلى الفئة الرابعة قبل وصوله إلى اليابسة، مما أسفر عن أكثر من 230 قتيلاً ودمار واسع.

تحديات التنبؤ والتحذير

رغم التقدم التكنولوجي في مجال التنبؤات الجوية، ما زالت ظاهرة “الاشتداد السريع” تمثل تحدياً للعلماء والمتخصصين. يتطلب التنبؤ بها تحليلاً دقيقاً لعوامل متعددة مثل درجة حرارة سطح المحيط، والرطوبة، وقوة الرياح في الغلاف الجوي العلوي. وتزيد هذه العوامل المتعددة من تعقيد عملية التنبؤ بدقة.

تأثير ارتفاع حرارة المحيطات على الأعاصير

تلعب المحيطات دوراً أساسياً في تحديد قوة الأعاصير. ومع ارتفاع درجات حرارة المياه، يزداد التبخر وتنتقل الطاقة إلى الغلاف الجوي، مما يغذي الأعاصير. إضافةً إلى ذلك، يساهم الهواء الرطب المحيط بالعاصفة في زيادة قوتها واستمراريتها، مما يؤدي إلى تفاقم خطر الأعاصير في المستقبل.

المستقبل والتوقعات

من المتوقع أن تزداد الأعاصير ذات الاشتداد السريع مع استمرار ارتفاع حرارة المحيطات. هذه الظاهرة من المحتمل أن تصبح جزءاً متزايد الأهمية من الكوارث المناخية التي ستواجهها المجتمعات في المستقبل. يتطلب هذا الوضع تحضيراً أكبر واستراتيجيات محسنة لمواجهة الأعاصير وحماية الأرواح والممتلكات.

لقد شكّل إعصارا “ميلتون” و”هيلين” في عام 2024 تحذيراً للعالم من التأثير المتزايد للتغيرات المناخية على الأعاصير، مما يجعل من الضروري تحسين أنظمة التحذير والاستعداد لهذه الكوارث الطبيعية المتزايدة القوة

زر الذهاب إلى الأعلى