قوة النساء: ريادة وتمكين
تمكين المرأة ودورها في التنمية المستدامة: نحو مستقبل أكثر إشراقاً
تمكين المرأة هو من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات الحديثة. يتطلب تحقيق التنمية المستدامة تمكين جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك النساء، لضمان مساهمتهم الفعالة في مختلف المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية. يعترف العالم اليوم بأن تمكين المرأة ليس فقط مسألة حقوق إنسان، بل هو أيضًا عنصر حيوي في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتحقيق المساواة بين الجنسين.
مفهوم تمكين المرأة
تمكين المرأة يعني تعزيز قدراتها وزيادة فرصها في التعليم والعمل واتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتها وحياة مجتمعها. يشمل التمكين الاقتصادي منح النساء فرص متكافئة في سوق العمل، وتقديم الدعم لرواد الأعمال من النساء، وضمان حصولهن على الأجور المتساوية عن نفس العمل. على الصعيد الاجتماعي، يشمل التمكين توفير التعليم الجيد والرعاية الصحية، وحماية حقوق المرأة في جميع مراحل حياتها.
دور المرأة في التنمية المستدامة
يلعب تمكين المرأة دورًا محوريًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، والتي تشمل القضاء على الفقر، تحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التعليم الجيد. يمكن للنساء، عندما يتم تمكينهن بشكل كامل، أن يكنّ محركات رئيسية للتغيير الاجتماعي والاقتصادي. على سبيل المثال، النساء المتعلمات والمؤهلات يمكن أن يساهمن بشكل كبير في نمو الاقتصاد من خلال المشاركة في سوق العمل أو إنشاء مشاريعهن الخاصة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تمكين المرأة في المجالات السياسية يمكن أن يؤدي إلى صنع قرارات أكثر توازنًا وشمولية، مما يساهم في تعزيز السلام والاستقرار في المجتمعات. في الزراعة، على سبيل المثال، تلعب النساء دورًا رئيسيًا في إنتاج الغذاء، ويؤدي تمكينهن إلى تحسين الإنتاجية الزراعية وضمان الأمن الغذائي.
نساء عربيات رائدات في تمكين المرأة والتنمية المستدامة
على مر العقود الماضية، ظهرت العديد من النساء العربيات كرائدات في مجال تمكين المرأة والمساهمة في التنمية المستدامة. نذكر على سبيل المثال:
- الملكة رانيا العبد الله: ملكة الأردن وناشطة بارزة في مجال التعليم وحقوق الأطفال، تعمل بلا كلل على تحسين جودة التعليم من خلال مبادرات رائدة، وتسعى جاهدة لتمكين النساء والشباب. أسهمت جهودها المستمرة في تعزيز التنمية المستدامة في الأردن، مما جعلها رمزًا للقيادة الملهمة في العالم العربي.
- الشيخة لبنى القاسمي: من الإمارات العربية المتحدة، وهي أول امرأة تتولى منصب وزيرة في البلاد. لعبت دورًا رئيسيًا في تعزيز التجارة الخارجية والتنمية الاقتصادية، وكانت رائدة في تمكين المرأة الإماراتية في مختلف المجالات.
- لبنى العليان: تُعد لبنى العليان من أبرز سيدات الأعمال في السعودية وأول امرأة تترأس بنكًا في المملكة. هي مديرة تنفيذية لمجموعة العليان المالية، وقد لعبت دورًا كبيرًا في تمكين المرأة السعودية من خلال دعم التعليم والتوظيف للنساء. أسهمت في تعزيز مشاركة المرأة السعودية في الاقتصاد الوطني.
- د. مايا مرسي: مايا مرسي هي رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر منذ عام 2016، وهي شخصية بارزة في الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيز دورها في المجتمع المصري. تحت قيادتها، عمل المجلس على العديد من المبادرات الهامة التي تهدف إلى تمكين المرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد ساهمت في تعزيز التشريعات والسياسات التي تدعم حقوق المرأة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في مصر.
- أمل كلوني: من لبنان، محامية حقوق إنسان دولية، ومتخصصة في القانون الدولي. تعمل على قضايا تتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وساهمت في تعزيز الدور القيادي للمرأة في المجال القانوني والدولي.
- هالة دقاق: من سورريا، هالة دقاق هي أستاذة جامعية في مجال الهندسة المدنية وناشطة في مجال حقوق المرأة. ساهمت بشكل كبير في التعليم العالي للمرأة السورية وفي تعزيز دور المرأة في المجالات العلمية والهندسية. تعمل على تمكين المرأة من خلال توفير فرص التعليم والدعم المهني للنساء الشابات في سوريا.
- نورية السداني: نورية السداني هي من أبرز الناشطات في مجال حقوق المرأة في الكويت. كانت من أوائل النساء اللواتي دافعن عن حقوق المرأة السياسية والاجتماعية في الكويت. لعبت دورًا بارزًا في حركة تمكين المرأة الكويتية ومشاركتها في الحياة السياسية، وأسهمت بشكل كبير في تحقيق المساواة بين الجنسين في المجتمع الكويتي.
التحديات والفرص
على الرغم من التقدم الملحوظ في مجال تمكين المرأة في العديد من الدول العربية، إلا أن هناك تحديات لا تزال قائمة. تشمل هذه التحديات العادات والتقاليد المجتمعية التي قد تقيد حرية المرأة، والفجوات في الأجور بين الجنسين، وقلة تمثيل النساء في المناصب القيادية. ومع ذلك، توفر هذه التحديات أيضًا فرصًا لتبني سياسات وبرامج تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بشكل أكبر.
يعد تمكين المرأة من أهم الوسائل لتحقيق التنمية المستدامة. بفضل الجهود المستمرة والنجاحات التي حققتها النساء العربيات في مختلف المجالات، يمكن أن يكون هناك مستقبل أكثر إشراقًا حيث تشارك المرأة بشكل فعال في جميع جوانب الحياة. من الضروري استمرار دعم السياسات والمبادرات التي تهدف إلى تمكين المرأة وتوسيع مشاركتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق مجتمع عادل ومستدام.