ساعة وراثية متذبذبة .. تجربة جديدة لإبطاء الشيخوخة
توصل مجموعة من الباحثين في جامعة ” كاليفورنيا ” إلى طريقة مبتكرة في إبطاء الشيخوخة، وذلك باستخدام ” ساعة وراثية ” متذبذبة في الاختبارات التي تمت في المختبرات العلمية للجامعة، وتبين من خلالها أن خلايا الخميرة تعيش لفترة أطول بكثير من الخلايا التي لا تحتوي على هذه ” الخميرة، وفقاً لما نشره موقع “New Atlas” نقلًا عن دورية “Science”.
بداية الشيخوخة
تبدأ الأعراض الشائعة للشيخوخة على المستوى الخلوي أولاً؛ حيث تبدأ كل خلية من تريليونات الخلايا في جسم الإنسان في الخضوع لسلسلة كبيرة من التغييرات الجزيئية طوال فترة حياتها، وتتحمل أنواع مختلفة من الأضرار، إلى أن تصل عند مستوى معين من التحمل، لا تستطيع بعدها القدرة على العمل بفعالية ونشاط كسابق عملها، ما يجعلها تضمر وتنتهي بالموت، الأمر الذي يصاحبه تدهور صحي متزامن مع ازدياد العمر، وتظهر تلك التغييرات متمثلة في التجاعيد والشيب ، والإصابة بالعديد من أمراض الشيخوخة .
موت الخلايا .. النتيجة النهائية
أثبتت الدراسات التي توصل إليها فريق الباحثين من جامعة ” كاليفورنيا ” أن الخلايا تظهر وكأنها تتقدم في العمر، وذلك من خلال إحدى عمليتين محددتين، تلتزم بمسار واحد فقط ولا يمكن أن تبتعد عن الأخرى. وأن انشطار الخلايا يكون بنسب متساوية تقريباً حوالي 50/50، ويوجد ذلك أيضاً بين الخلايا من ذات النسب الجينية في نفس البيئة. وبينما يحتوي أحد المسارين انخفاض استقرار الحمض النووي، فإن المسار الآخر يأخذ في انخفاض “الميتوكوندريا”، والتي تعد مصدر الطاقة للخلايا. وفي كلتا الحالتين، تصير النتيجة النهائية هي موت الخلايا، وظهور أعراض الشيخوخة وأمراضها المعروفة.
بين مسارين تنشط الخلايا
وفي هذا الصدد، نجح فريق الباحثين في تطوير النتائج العلمية السابقة في هذا المجال، بإبتكار طريقة مثلى للحد من تسارع الشيخوخة وزحفها المستمر إلى خلايا الجسم، وذلك عن طريق السماح للخلايا بالتأرجح بين هاتين العمليتين المختلفتين. واستمرارًا لاستخدام تشبيه هذا المسار للتوضيح، فإن الخلية ستصل حتماً إلى وجهتها النهائية المعلومة، ألا وهي موت الخلية، وبشكل أسرع إذا اتبعت مسارًا واحدًا مباشرة حتى النهاية، ولكن عند التنقل والسعي ذهابًا وإيابًا بين المسارين، فإن الأمر سيستغرق وقتًا أطول بكثير من نظيره، وهو ما يعني تراجع سرعة وصول الخلية إلى المرحلة النهائية “الموت”.
كيف تبطئ الخلايا حركتها ؟
قام فريق الباحثين بتوصيل دائرة تنظيمية مركزية للجينات، والتي تتحكم في شيخوخة الخلية، ويتم إعادة توجيه خليه معينة لتحقيق تلك النتيجة، وأعاد فريق الباحثين توصيل دائرة تنظيمية مركزية للجينات تتحكم في شيخوخة الخلية، وعادة ما يتم إرسال خلية معينة إلى مسار محدد، والذي يشبه ” مفتاح تبديل “، وفي هذا الحالة أحالوا الوظيفة الرئيسية من مفتاح تبديل إلى “مذبذب جيني ” أو ” ساعة جينية ” متذبذبة، وبالتالي تبدأ الخلية من الانتقال بشكل دوري من مسار إلى آخر، وتقل سرعتها تدريجياً حتى تصل في نهاية المطاف، بعد فترة زمنية طويلة إلى مرحلة ” موت الخلية ” وتأخير أعراض الشيخوخة، وظهورها سواء لدى المرأة أو الرجل .
الخميرة المذبذبة تعيش لفترة أطول!!
خضع الإجراء المبتكر للإختبار من قبل الباحثين، وتبين لهم أن خلايا الخميرة التي خضعت لسيطرة كاملة من المذبذب الجيني طال عمرها بنسبة 82% تقريباً، من مثيلتها ” الخلايا الخميرة ” غير المذبذبة، وفقاً لمعدل العمر الطبيبعي . وأكد الباحثون عن ضرورة القيام بعملية تمديد ” عمر الخلايا ” بالتدخل الجيني أو الكيميائي خلال فترة سابقة لمكافحة الشيخوخة، وتأتي النتائج مبشرة في سبيل الوصول إلى إعادة الخلايا إلى كامل طاقتها في القدرة والحيوية، وتصبح أكثر شباباً كسابق عهدها.
الخلايا البشرية
التساؤل الأخير الذي يطرح نفسه ” هل خلايا جسم الانسان تتشابه مع خلايا الخميرة ؟ “بالطبع ليس تشابهاً كلياً، ولا يزال الطريق طويلاً في المضي قدماً قبل الإعلان النهائي بالانتصارعلى الشيخوخة وإبطائها، وتراجع معدل سرعة موت الخلايا، ويعكف فريق الباحثين حالياً على إيجاد إمكانية لتطبيق هذه التقنية على الخلايا البشرية بشكل موسع، بما يشمل الخلايا الجذعية والخلايا العصبية أيضاً.