دراسة جديدة: الجهد العقلي يسبب الإجهاد والقلق
أظهرت مراجعة جديدة لأبحاث سابقة أن الشعور بالإرهاق العقلي عند مواجهة مسائل رياضية معقدة أو اتخاذ قرارات صعبة ليس مجرد إحساس عابر، بل يمكن أن يكون سبباً رئيسياً في الإجهاد. وبحسب باحثين من جامعة رادبود في هولندا، فإن هذه النتائج تشير إلى أن الجهد الذهني ليس نشاطاً ممتعاً بحد ذاته، رغم أن البعض يختار أحياناً الانخراط فيه.
ونقل موقع “ساينس أليرت” عن عالم النفس إريك بيغلفلد قوله: “غالبًا ما يتم تشجيع الطلاب والموظفين على بذل جهد ذهني، ما يعطي انطباعًا بأنهم يستمتعون بالتفكير العميق. لكن نتائجنا تشير إلى أن هذا الاستنتاج غير صحيح؛ فالناس عمومًا لا يحبون الجهد الذهني”.
اعتمدت الدراسة على تحليل 170 بحثاً سابقاً شملت 4,670 مشاركاً وأجرت 358 اختباراً معرفياً، وأظهرت النتائج وجود ارتباط قوي بين زيادة الجهد الذهني وتزايد المشاعر السلبية مثل الإحباط، التوتر، والقلق. وما يزيد من أهمية هذه النتائج هو انتشار هذه العلاقة عبر مختلف الفئات العمرية والمهنية، بدءاً من الطلاب وصولاً إلى العسكريين.
ومع ذلك، لوحظ أن تأثير هذا الارتباط كان أقل وضوحاً في الدول الآسيوية، ربما نتيجة لتأقلم الأفراد مع الضغط العقلي منذ سن مبكرة بسبب ساعات الدراسة الطويلة. وقد أشار الباحثون إلى أن هذا التأقلم قد يساعد على تخفيف الشعور بالإجهاد الذهني.
أهمية هذه النتائج تتجلى بشكل خاص للمهندسين والمعلمين عند تصميم الأدوات والمهام التعليمية، حيث يوضح الباحث إريك بيغلفلد أن العقل البشري يميل إلى اعتبار الجهد الذهني تجربة غير مريحة. ورغم أن البعض يختار ممارسة أنشطة ذهنية مثل الشطرنج، يرجع الباحثون ذلك إلى المكافآت التي تعقب هذه الأنشطة، مثل الفوز أو التفاعل الاجتماعي أو المكاسب المادية، وليس بسبب الاستمتاع بالجهد العقلي ذاته.
تفتح هذه الدراسة أفقاً جديداً لفهم كيفية تأثير الجهد الذهني على حالتنا النفسية، وتبرز الحاجة إلى إعادة النظر في طرق تصميم البيئات التعليمية والعملية لتخفيف الأعباء العقلية وتعزيز رفاهية الأفراد.