“حقيقتنا أبطال”.. مبادرة سورية لدمج أطفال متلازمة داون في المجتمع بصورة أفضل
فى إطار احتفالية “حقيقتنا أبطال”, والتى أقيمت مؤخرا فى العاصمة السورية دمشق, أستعرض مجموعة من أطفال “متلازمة داون” تشكيلة من مهاراتهم, بثقة وثبات, أبهرت ضيوف قصر (العظم) بدمشق.. سارت “فاطمة” على الممشى تستعرض ثوبها المطرز على دانتيل وردي. أما أقرانها من أطفال “متلازمة داون” فقد ضربوا أكفهم تصفيقا بخفة وبحرارة يكاد يشعر المرء بشغفها الخفي، وكأنهم يتخاطرون فرحا في عالمهم الخاص الذي، وإن لامسه حضور حفلهم “حقيقتنا أبطال”، إلا أن مسافة عاطفية غير محددة بوضوح، كانت تفصل بين هذين البرزخين المتداخلين.
تمكنت فاطمة وأقرانها من صنع رابطا عاطفيا جعل منهم فريقا متراصا يتواصل أعضاؤه عبر شبكة من الإيحاءات الشفافة: يحزنون معا، يرقصون لحظة يهم أحدهم بالرقص، ويتداعون تلقائيا في كل ملمة.. في المحصلة، وبطريقة ما، نجحوا في ابتكار عالمهم الخاص. وفقا لموقع (سبوتنيك)..
في “قصر العظم” وسط المدينة القديمة للعاصمة السورية دمشق، تمكنت فاطمة من ممارسة شغفها في عرض الأزياء. سارت على ممشى العرض وكأنها تحلق على درج “سندريلا” فيما تدق ساعة منتصف الليل، عالم لم يره الحضور بوضوح، خلا رفاقها من أطفال “متلازمة داون” ممن كادوا يحملونها بأعينهم الشاخصة إليها بكامل الانتباه.
ما عايشته فاطمة خلال الحفل، تشاركته مع عشرات الأطفال من مصابي “متلازمة داون“.
بثقة وثبات، وكل وفق شغفه الخاص، تمايلوا أمام الجمهور الذي ضم نجوما سوريين كبار، في عرض يقول منظموه إنه لدمج الأطفال بالمجتمع والذي أقيم تحت عنوان: “حقيقتنا أبطال“.
إبراز المواهب
خلود رجب، مدير جمعية “جذور” الخيرية، قالت لموقع “سبوتنيك”، إن “الفكرة الأساسية للعرض تتلخص في إبراز موهبة هؤلاء الأطفال وأهمية دمجهم في المجتمع، مضيفة: “نعمل أيضا على التمكين النفسي للأطفال والأهالي بما ينعكس إيجابيا على حياتهم عبر خلق جو أسري يترجم دعم المجتمع الأهلي لهذه الفئة كما يعزز دور الأسرة والمجتمع في نمو الطفل“.
وأوضحت رجب: الصورة العامة بدأت تختلف، فالكثير من الناس يتقدموا خطوتين باتجاه هذه الشريحة (المصابين بمتلازمة داون) ولم يعودوا للوراء وكان هذا الهدف من الفعالية، نلاحظ أن الأضواء تتجه نحوهم وأصبحت الردود أكثر إيجابية، وهناك أفكار إيجابية اتجاه هذه الشريحة، مختتمة قولها: “نحن اليوم نحقق نجاح على الأرض وبشكل ملموس“.
الاستعدادات لحفل “حقيقتنا أبطال” جرت بمشاركة حوالي 40 طفلا من مصابي “متلازمة داون”، إذ باشر المدربون مهمامهم في صقل شغف الأطفال على المشي فوق خشبة المسرح أولا، تمهيدا لتقديم عروض الأزياء والرقص والغناء والتصوير وغيرها.
طاقة إيجابية
ربا شحادة منظمة الحفل، قالت لـ”سبوتنيك” أن “أطفال (متلازمة الحب) لديهم طاقة إيجابية كبيرة، فعندما تدرب الأولاد كان جليا أن جميع حركاتهم عفوية مفعمة بالعاطفة، ونحن من جهتنا عندما نجدهم فرحين سنضحك وتنسى كل التعب“.
وبينت شحادة أن “برنامج الجمعية” يهدف إلى “دمج الأطفال المصابين بمتلازمة داون في المجتمع بشكل أفضل، إلى جانب توعية الأهالي الذين قد ينظرون إليه في بعض الحالات بعين النقص وعدم القدرة، فيما الحقيقة تقول بأنه قادر ولكنه بحاجة إلى الاعتناء والحب ليفجر ما لديه من مواهب كامنة“.
وفي سياق متصل أكدت نور قولي صيدلانية والمشاركة في الفعالية، هدفنا دعم الأهالي الذين لديهن أطفال مصابون بمتلازمة “داون” من خلال المنتجات التي نعرضها ونبيعها، فهؤلاء الأطفال لهم في السعادة والفرح لذلك يتم تسويق المنتجات عبر المعارض والبازارات ومواقع التواصل الاجتماعي.
وشارك في الاحتفالية فنانون سوريون، وسار بعضهم على خشبة المسرح مع الأطفال في محاولة لمساعدتهم على المشي وتشجيعهم على تجاهل الخجل وتحفيزهم.
ليسوا عالة على المجتمع
الفنان السوري المعروف محمد قنوع، قال في تصريح لموقع “سبوتنيك”، أن “ذوي الاحتياجات الخاصة لن يكونوا عالة على المجتمع. علينا أن نتطلع إليهم كمشجعين وليس كمشفقين وهو ما قد نلمسه أحيانا في بعض المجتمعات“.
وأضاف قنوع: في حال تم الاستثمار بذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة صحيحة، وتم توجيههم وتنمية مهاراتهم، فسيكونون فاعلين ولهم دورهم المميز في المجتمع، مختتما حديثه: “هم جزء لا يمكن أن يتجزأ من العالم الذي نعيشه“.
ولاقت الفكرة استحسان الجمهور واجتذب العرض حضورا كبيرا لتشجيع مثل هذه الأنشطة في المجتمع السوري.