تأمل أن تعبر المانش.. د. جهاد إبراهيم برلمانية وبطلة مصر في السباحة البارالمبية
“أنا لايف كوتش، life coaching لقبي باعثة الأمل للملايين، ورسالتي نشر الحب والسلام والأمل للعالم كله“. هكذا تعرف البرلمانية المصرية الدكتور جهاد إبراهيم نفسها على حسابها الرسمي على الفيسبوك. تفيض أملاً وإشراقاً، وتشع تفاؤلاً وسعادة في كل مكان، تكاد ابتسامتها البهيجة لا تفارق شفتيها، ويكاد بريق المستقبل لا يفارق عينيها. تبث “جهاد”, الأمل والحياة في كل من يلتقيها، وهي لا تفعل ذلك تصنعاً وتكلفاً, ولكن إيماناً ويقيناً منها بأنها خلقت لترسل رسائل الأمل للجميع سواء من أصحاب الهمم أو الأسوياء عبر مشاركاتها الإعلامية.
أصيبت “جهاد إبراهيم” بمرض شلل الأطفال في عمر سنة، ولما كانت الأسرة بسيطة فلم تجد ثمن الكرسي المتحرك، ظلت والدة جهاد تحمل ابنتها كل يوم للمدرسة في رحلتي الذهاب والعودة، وكان تعب والدتها يؤلمها كثيراً؛ حتى وصلت للصف الخامس الابتدائي، وما لبثت الأقدار أن حملت لها مفاجأة أسعدتها كثيراً؛ حيث أهداها أحد أقاربها كرسياً متحركاً شعرت جهاد وقتها بأنه جناحا الفراشة التي تطير به، وقررت أن تكافئ والدتها باجتهادها وتفوقها.
ذاكرت جهاد بجد واجتهاد، وكان أكبر أحلامها أن تكون طبيبة تعالج الأطفال من مرض شلل الأطفال، إلا أن حلمها لم يتحقق فلم تحصل على الدرجات التي تؤهلها لكلية الطب، لم تيأس جهاد، وقررت أن تدخل كلية التربية ولكن الكلية رفضتها بسبب إعاقتها.
لا تفارق الابتسامة شفتيْ جهاد، ولم تبتعد كثيرا عن الطريق الذي اختارته لنفسها، فالتحقت بكلية الآداب، وذاكرت واجتهدت أكثر وصولاً لقمة حلمت بها كثيراً، فكانت تتخرج في كل عام الأولى على دفعتها، على الرغم من معاناتها في الدراسة، فقد كانت محاضراتها في أدوار مرتفعة، ولم تكن الجامعة مجهزة في ذلك الوقت للتعامل مع أصحاب الهمم، فكانت تجد مشقة كبيرة في الوصول لمكان المحاضرات، إلا أنها أخيراً حققت حلمها وتخرجت بامتياز، وتم تعيينها في الجامعة ثم باشرت دراستها العليا لتحصل على الماجستير والدكتوراة، وهي الآن مدرس مساعد بجامعة عين شمس.
الثورة على الكرسي المتحرك
لم تكتفِ جهاد بنبوغها العلمي ولكن قررت الثورة على كرسيها المتحرك، وبدأت تمريناتها في لعبة السباحة وكالمعتاد تميزت وتفوقت، وحصدت العديد من البطولات لتكون بطلة مصر في السباحة البارالمبية، وتأمل جهاد أن تعبر المانش لتكون أول امرأة معاقة تعبر المانش، ويتم تسجيلها في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
على كرسي البرلمان
تزرع جهاد الأمل في كل القلوب التي تلتقيها بعينيها اللامعتين وكلماتها الرقيقة وابتسامتها الفطرية من القلب، والتي تلمس شغاف قلب كل من يقترب منها، ومن ثم قررت أن تكون مدربة تنمية بشرية تنظم المحاضرات وتلهم الشباب وتبعث فيهم التفاؤل، وأكملت هذا الدور بأن ترشحت في مجلس النواب، وبدون واسطة استطاعت بسحر الامل الذي تزرعه أينما حلت أن تكو ن نائبة في البرلمان، فرفعت صوت أصحاب الهمم للمسؤولين، وتحدثت عن مشاكلهم وسلطت عليها الضوء.
تكريمات
تم تكريم د. جهاد إبراهيم في الكثير من المحافل العربية والمحلية، وحصدت العديد من الجوائز والتكريمات كسفيرة للأمل وباعثة للمستقبل ومدافعة عن حقوق ذوي الهمم بكل ما أوتيت من قوة ليظل الأمل الذي تبعثه في الجميع هو السلاح الخفي الذي تحارب به اليأس والتنمر والسلبية، ولتكون بكرسيها المتحرك فراشة أمل ملهمة لكل من يلتقيها.
وفي ظل كل النجاحات التي حققتها جهاد كان قلبها يومض ويتساءل متى ستجد الحب ومن سيقبلها بظروفها، وقد كرس المجتمع بسلبيته لدحض هذا الحق، لم تيأس جهاد ولم تفقد الأمل كالمعتاد فكافأها الله تعالى بالحب الذي طرق بابها، وتزوجت جهاد عن حب ورزقها الله بابنتها كارما والتي اعتبرتها عوضاً عن كل لحظات الألم والحزن والكفاح التي عاشتها، وقررت أن تربيها تربية صالحة، وكان أول درس علمته لها أن كرسي والدتها هو قدماها وهو خط أحمر ولا بد من احترامه، وقررت أن تظل دائماً على القمة؛ لكي تكون ابنتها فخورة بها وبكل ما حققته وتحققه.