الهواتف الذكية وأطفالنا: هل نستطيع حماية الطفولة من آثار التكنولوجيا السلبية؟
في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحت الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهو ما جعل العديد من الآباء يتساءلون عن التوقيت المناسب لتقديم هذه الأجهزة لأطفالهم. السؤال الشائع “متى يمكنني الحصول على هاتف؟” يشكل تحدياً للأهالي الذين يخشون من تأثير هذه الأجهزة على صحة أبنائهم العقلية والاجتماعية.
ديزي غرينويل، صحافية وأم لثلاثة أطفال من وودبريدج في شرق إنجلترا، كانت واحدة من الأمهات التي قررت اتخاذ موقف حازم ضد استخدام الهواتف الذكية في سن مبكرة. خلال حديثها مع والد أحد زملاء ابنها، علمت أن ثلث تلاميذ الصف يمتلكون هواتفهم الخاصة، مما أثار قلقها. غرينويل عبرت عن مخاوفها عبر منشور على إنستغرام، حيث قالت: “لا أريد أن أعطي ابنتي شيئًا أعلم أنه سيضر بصحتها العقلية ويجعلها تابعة”.
هذا المنشور أشعل موجة من ردود الأفعال بين الآباء، الذين عبروا عن مخاوفهم من التنمر الإلكتروني، والضغط الاجتماعي، والمحتوى الضار. استجابةً لذلك، أطلقت غرينويل وصديقتها كلير رينولدز حملة “اتحاد الآباء من أجل طفولة خالية من الهواتف الذكية”، والتي تهدف إلى حماية الأطفال من التأثيرات السلبية للتكنولوجيا.
تأثير الهواتف الذكية على الصحة النفسية للأطفال
وفقًا لدراسة أجراها عالم النفس الأميركي جوناثان هايت، فإن انتشار الهواتف الذكية قد أدى إلى “إعادة تشكيل كبير للطفولة”. حيث شهدت فترة ما بين 2010 و2015 تحولاً جذريًا في نمط حياة الأطفال، ما زاد من انتشار الأمراض النفسية بينهم. هايت ينصح بحظر الهواتف قبل سن الرابعة عشرة ومنع الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي قبل سن السادسة عشرة، مشيرًا إلى أن التعاون بين الآباء قد يجعل هذه المهمة أسهل.
مع تزايد المخاوف من تأثير الهواتف الذكية على الأطفال، بدأت مجموعات من الآباء في المملكة المتحدة تشكل تحالفات للتصدي لهذه الظاهرة. من خلال مجموعات واتساب واجتماعات محلية، يسعى هؤلاء الآباء إلى تبادل الخبرات والتجارب والبحث عن حلول بديلة للتكنولوجيا الحديثة التي تسرق طفولة أبنائهم.
إن اتخاذ قرار حول متى يجب إعطاء الأطفال هواتف ذكية ليس بالأمر السهل، ولكنه قرار يستحق التفكير العميق والوعي. على الآباء أن يتحدوا لحماية أبنائهم من تأثيرات التكنولوجيا السلبية وضمان توفير بيئة صحية وآمنة لنموهم.