الدمج والإعاقة

الشيخوخة.. كيف تصبح “ربيع العمر” حقاً؟

الشيخوخة، هي عملية الهرم التي تصيب كل الكائنات الحية، نتيجة تناميها، وتقدمها في العمر. والتعريفات الحديثة لعملية الشيخوخة، تعتبرها عبارة عن خلل وتلف في عمليات النظام الجسماني مع مرور الوقت والزمن، هذا التعريف يسمح بظهور ووجود أنظمة قد لا تهرم (لا تشيخ)، نتيجة تداخلات مضادة للشيخوخة.

الشيخوخة أصبحت تدرس حاليًا كعلم يتناول النواحي الثقافية والاقتصادية ودراسات الوعي والتغيرات الاجتماعية والديمغرافية، أما النواحي الفيزيولوجيا فتوصف بعملية هرم.

وذكر تقرير للأمم المتحدة أن بداية سن الشيخوخة يختلف من مجتمع إلى آخر، فبعض الدول اعتبرت بدء الدخول في عداد المسنين هو 60 سنة للرجل، و50 سنة للمرأة، وثمة دول أخرى تبدأ مرحله المسنين للرجل من 55 سنة وللمرأة من 50 سنة، وذلك مرتبط بمستوي الأعمار في كل دولة.

وإذا كانت مرحلة الطفولة قد حظيت باهتمام واضح على المستوى القومي والدولي، إلا أن الشيخوخة لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام، وخاصة في البلاد النامية. ويؤدي ارتفاع نسبة كبار السن في العالم، نتيجة لانخفاض نسبة وفيات الأطفال وارتفاع معدلات توقعـات الحيـاة، إلى انعكاسات على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مما يحتم الاهتمام بقضية الرعاية المتكاملة لكبار السن.

ومن هذا المنطلق، كان لابد للإنسانية أن ترعى هذه المرحلة العمرية المهمة والحرجة، التي نصت مبادئ الأمم المتحدة ضرورة إتاحة الحياة الكريمة والمريحة لكبار السن وذلك بتوفير ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، وأن يوفر لهم مصدر للدخل ودعم أسري ومجتمعي ووسائل للعون الذاتي، وأنه ينبغي إيلاء اهتمام خاص لمشاكل كبار السن وتقديم المساعدة إليهم لضمان دمجهم في المجتمع، كما ينبغي للدول أن تقدم إعانات لكبار السن المحتاجين في حدود الموارد المتاحة لها.

ومن ذلك، ما أقرّته مصر مؤخرا، حيث قرر اللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة، السماح بركوب كبار السن الذين تجاوزوا الـ 70 عاماً جميع وسائل هيئة النقل العام، بما في ذلك مترو الأنفاق، مجانا، كما تمّ السماح لكبار السن الذين تجاوزوا الـ 60 عامًا بركوب جميع وسائل النقل العام بنصف تذكرة.

وأكّد محافظ القاهرة، أنَّ هذا القرار جاء لتخفيف العبء عن كبار السن عرفانًا بالجميل لهذه الفئة التي خدمت الوطن فى مختلف المجالات، وتنفيذًا لتوجهات الدولة في هذا الشأن.

تقليل السعرات الحرارية

كشف فريق من الباحثين الأمريكيين عن أن خفض السعرات الحرارية في النظام الغذائي للإنسان بمعدل 15% لمدة عامين، يُبطئ أعراض الشيخوخة والتمثيل الغذائي، ويحمي الإنسان من الأمراض المرتبطة بتقدم العمر. جاء ذلك في دراسة نشرتها دورية “سيل ميتابوليزم”، وتُعد من أولى الدراسات التي تتناول تأثير الحد من السعرات الحرارية على صحة البشر.

وتقول الباحثة “لين ريدمان”، الأستاذ المساعد في العلوم الإكلينيكية بمركز أبحاث الطب الحيوي في بنينجتون بجامعة ولاية لويزيانا الأمريكية “إن هناك عدة عوامل تؤثر على التمثيل الغذائي، مثل العمليات المضادة للأكسدة والعوامل الغذائية والبيولوجية، كما أن هناك العديد من المؤشرات التي تتنبأ بالتمثيل الغذائي للبشر، وأهمها النوع (إذ يكون التمثيل الغذائي أعلى لدى الرجال)، والسن (إذ يقل معدله مع تقدم العمر)، وأيضًا الوزن (إذ يرتفع نسبيًّا لدى الأشخاص الأكبر وزنًا)”.

وتضيف الباحثة أن “النشاط البدني يُسهم بنسبة 20% فقط، وربما أقل، في كم السعرات الحرارية التي نحرقها يوميًّا. وكلما كان التمثيل الغذائي أبطأ لدى الشخص، كان حرق الطاقة لديه أعلى، فما يحدث عند الحد من السعرات هو انخفاض كم الطاقة المستخدم للحفاظ على الوظائف الطبيعية للجسم. ولإتمام هذه المهمة، يعمل الجسم على تحسين العمليات الحيوية لزيادة كفاءة الطاقة، مما ينعكس بصورة إيجابية على صحة الإنسان”.

وتوصي الجهات الصحية في البلدان المتقدمة، بضرورة السماح لكبار السن بالاستمرار في العمل بقدر ما يرغبون هم أنفسهم في ذلك، أو يقدرون عليه. ويمكن أن يكون لذلك تأثير بالغ على دخولهم، وعلى عنصر العرض في سوق العمل، وعلى خطط المعاشات أو الضمان الاجتماعي.

التمارين.. دواء الشيخوخة

أظهرت دراسة نشرتها دورية “كلينيكال براكتيس”، أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة لمدة 52 ساعة على الأقل خلال 6 شهور بمعدل نصف ساعة في كل مرة تحسنت لديهم مهارات التفكير. وفي المقابل، فإن مَن مارسوا الرياضة لنحو 34 ساعة فقط خلال الفترة نفسها، لم يطرأ عليهم أي تغيير فيما يتعلق بقدراتهم الذهنية.

وتقول “جويس جوميز أوزمان”، الأستاذ المساعد في العلاج الطبيعي وعلم الأعصاب بكلية طب “ميامي ميلر” بولاية فلوريدا الأمريكية، والباحثة الرئيسية في الدراسة، “إن النتائج التي توصلنا إليها تؤكد أن ممارسة الرياضة على المدى الطويل قد تكون أمرًا أساسيًّا للحصول على تلك الفوائد”.

كما أظهرت دراسة أن تناول وجبة واحدة من “الخضراوات الورقية” يوميًّا يعمل على حماية الدماغ من الشيخوخة. انتهت الدراسة إلى هذه النتيجة من خلال إخضاع 960 شخصًا تتباين معدلات تناولهم للخضراوات لاختبارات الذاكرة ومهارات التفكير. وكشفت هذه الاختبارات أن المجموعة التي تناول أفرادها الخضراوات الورقية كان معدل التراجع في التفكير والذاكرة لديهم أبطأ من أولئك الذين كان معدل تناولهم أقل، وكان الفرق ما يعادل 11 عامًا في سن أصغر.

ورغم وجود عوامل كثيرة قد تكون مؤثرةً على صحة الدماغ، ذهبت الدراسة التي نشرتها مجلة “نيورولوجي” إلى أن نتائجها تظل صالحةً حتى مع وجود عوامل مثل التدخين وارتفاع ضغط الدم والسمنة ومستوى التعليم وكمية الأنشطة البدنية والمعرفية. تقول مؤلفة الدراسة د. مارثا كلير موريس إن دراستها وإن تناولت المرحلة العمرية من 58 إلى 99 عامًا، فهناك أدلة جيدة على أن نتائجها تنطبق على البالغين أيضًا.

زر الذهاب إلى الأعلى