علوم وتكنولوجيا

السيارات الكهربائية: من حل بيئي إلى تهديد أمني في عصر المعلومات

وسط التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، تبرز السيارات الكهربائية كإحدى أبرز التقنيات المستدامة التي تدعمها الدول والشركات الكبرى لتحقيق بيئة أفضل. لكن مع تزايد انتشارها، تظهر مخاوف متصاعدة بشأن إمكانية تحولها إلى أدوات للتجسس والمراقبة.

لم تعد هذه الهواجس تقتصر على الأجهزة الذكية؛ فقد أظهرت السيارات الكهربائية المتقدمة من شركات كبرى مثل “تسلا” و”ريفيان” و”لوسيد” و”جنرال موتورز” و”نيسان” قابلية للاختراق، حيث بلغت الهجمات الإلكترونية على محطات شحن السيارات الكهربائية 4% من إجمالي الهجمات السيبرانية على المركبات المتصلة في عام 2022، وفقاً لتقرير صادر عن “Upstream Security”.

يُعزى ذلك إلى النمو السريع في الأنظمة الرقمية للسيارات الكهربائية، مما يجعلها أكثر عرضة للاختراقات الأمنية. في عصر “حرب المعلومات”، تتحول هذه المركبات إلى أهداف للتجسس وجمع البيانات، سواء على المستوى الشخصي أو الدولي، حيث يمكن للقراصنة استخدام البرمجيات الخبيثة وتقنيات تحليل البيانات للحصول على معلومات دقيقة من شبكات معقدة.

اختراق الخصوصية

في حادثة لافتة العام الماضي، تمكن قراصنة ألمان من اختراق سيارة “تسلا” والوصول إلى ميزة المقاعد المدفأة التي تتطلب دفع رسوم إضافية، مما يكشف عن ثغرات أمنية يمكن أن تُستغل للوصول إلى معلومات أو وظائف أخرى داخل السيارة. فبسبب اعتماد السيارات الكهربائية على نظام كمبيوتر مركزي موحّد، تبرز مخاوف من أن تكون هذه المركبات معرضة بشكل كبير للقرصنة وسرقة البيانات الشخصية.

وفي هذا السياق، حذّر الدكتور محمد الكيالي، رئيس الاتحاد الدولي للتكنولوجيا والاتصالات “IFGICT”، من المخاطر التي قد تصاحب تطور الأنظمة الرقمية في السيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن هذه الثغرات تجعل السيارات عرضة للتجسس على الأفراد والدول على حد سواء، وأن القدرات المتزايدة لهذه السيارات في التعرف على الطرق والأشخاص تفتح المجال لاستخدامها بطرق غير مشروعة في عصر “حرب المعلومات”.

نقاط الضعف في شواحن السيارات الكهربائية

تعد شواحن السيارات الكهربائية إحدى نقاط الضعف المحتملة، حيث تتطلب الاتصال المباشر بجهاز كمبيوتر السيارة لإدارة الشحن. ووفقاً لتقرير “Upstream Security”، يمكن استغلال هذه المحطات للوصول إلى معلومات المستخدمين، أو حتى تعطيل الشحن وإتلاف البطارية. هذه الهجمات يمكن أن تتسع لتؤثر على البنية التحتية الأكبر، مثل الأقمار الصناعية التي تعتمد عليها المركبات، مما يجعل من الضروري حماية هذه المحطات والبنية التحتية المتصلة بها.

ويتوقع تقرير “DNV Energy Transition Outlook” أن تشكّل السيارات الكهربائية 50% من مبيعات السيارات بحلول عام 2033، مع ازدياد دورها في الشبكات الذكية، مما يُحدث تحوّلاً في إدارة الطاقة والنقل. لكن مع تزايد الربط الرقمي، تتضاعف فرص الهجمات السيبرانية على هذه المركبات.

وفي هذا السياق، يؤكد الكيالي على الحاجة إلى إجراءات قوية لحماية السيارات الكهربائية من التهديدات السيبرانية، محذراً من احتمال استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل غير أخلاقي لتطوير تقنيات تجسس متقدمة، مما يمثل تحدياً أخلاقياً كبيراً للمجتمع الدولي في المستقبل.

الحاجة الملحّة لأمن السيارات الكهربائية

مع التطور السريع للسيارات الكهربائية ودمجها المتزايد بالأنظمة الرقمية، تظهر ضرورة ملحّة لحمايتها من الاختراقات. ينادي الخبراء بضرورة وضع سياسات مرنة واستثمارات واسعة في الأمن السيبراني، إلى جانب تشجيع الشركات على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتشفير لحماية البيانات.

كما يشددون على أهمية التعاون الدولي وتبادل الخبرات للتصدي للتهديدات السيبرانية، مما يعزز استفادة الأفراد والدول من هذه التكنولوجيا المتقدمة بشكل آمن ومستدام.

زر الذهاب إلى الأعلى