الصحة المستدامة

التهاب الكبد B.. حقائق وأرقام وطرق العلاج

التهاب الكبد B هو عدوى فيروسية تصيب الكبد ويمكن أن تسبب أمراضاً حادة ومزمنة على حد سواء. تنتقل العدوى بالفيروس في أغلب الأحيان من الأم إلى الطفل أثناء الولادة والوضع، ومن خلال ملامسة دم شخص مصاب بالعدوى أو سوائل جسمه الأخرى أثناء الزوجية، والحقن غير المأمونة أو التعرض لأدوات حادة.

تشير تقديرات المنظمة في عام 2019 إلى إصابة 296 مليون شخص بالعدوى بالتهاب الكبد B المزمن، مع حدوث 1,5 مليون حالة عدوى جديدة كل عام.

سبب التهاب الكبد  Bفي عام 2019 حسب التقديرات 000 820 حالة وفاة نجم معظمها عن تليف الكبد وتسرطن الخلايا الكبدية (أي سرطان الكبد الأولي).

يمكن الوقاية من التهاب الكبد B عن طريق لقاحات مأمونة ومتوافرة وناجعة.

لمحة عامة

التهاب الكبد B هو عدوى كبدية يمكن أن تهدد حياة المصاب بها، وهي ناجمة عن الفيروس المسبب لهذا الالتهاب. ويمثل هذا الالتهاب مشكلة صحية عالمية رئيسية. ويمكن أن يسبب عدوى مزمنة ويزيد خطر تعرض الناس للوفاة بسبب تليف الكبد وسرطان الكبد.

وهناك لقاح مأمون وناجع يقي من العدوى بالتهاب الكبد B بنسبة 98% إلى 100%. وتحول الوقاية من العدوى بالتهاب الكبد B دون الإصابة بمضاعفات المرض التي تشمل الأمراض المزمنة وسرطان الكبد.

ويبلغ عبء العدوى بالتهاب الكبد B أعلى مستوى له في إقليم غرب المحيط الهادئ والإقليم الأفريقي، حيث يبلغ عدد حالات الإصابة المزمنة 116 مليون حالة و81 مليون حالة، على التوالي. ويبلغ عدد المصابين بالعدوى 60 مليون شخص في إقليم شرق المتوسط و18 مليون شخص في إقليم جنوب شرق آسيا و14 مليون شخص في الإقليم الأوروبي و5 ملايين شخص في إقليم الأمريكتين.

انتقال العدوى

في المناطق التي يتوطنها المرض بشدة، تنتقل العدوى بالتهاب الكبد B في أغلب الأحيان من الأم إلى الطفل عند الولادة (انتقال العدوى في الفترة المحيطة بالولادة) أو عن طريق الانتقال الأفقي للعدوى (التعرض لدم ملوَّث)، ولا سيما من طفل مصاب بالعدوى إلى طفل غير مصاب بها خلال أول خمس سنوات من العمر. والإصابة بالعدوى المزمنة شائعة لدى الرضع المصابين بالعدوى عن طريق أمهاتهم أو قبل بلوغ سن الخامسة.

كما ينتشر التهاب الكبد B بسبب الإصابات الناجمة عن إبر الحقن، والوشم، وثقب الجلد، والتعرض للدم المُلَوَّث وسوائل الجسم الأخرى مثل اللعاب والسوائل الحيضية والمهبلية والمنوية. وقد تنتقل العدوى بالفيروس أيضاً عن طريق إعادة استخدام الإبر والمحاقن الملوثة أو الأدوات الحادة في سياقات الرعاية الصحية أو السياقات المجتمعية أو لدى الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بالحقن.

وتؤدي العدوى بالتهاب الكبد B المكتسبة بعد البلوغ إلى الإصابة بالتهاب الكبد المزمن في أقل من 50% من الحالات، فيما تؤدي العدوى في مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة إلى الإصابة بالتهاب الكبد المزمن في 95% من الحالات. وذلك هو الأساس الذي يُستند إليه لتعزيز تطعيم الرضع والأطفال وإعطاء الأولية له.

ويمكن أن يبقى فيروس التهاب الكبد B على قيد الحياة خارج الجسم لمدة 7 أيام على الأقل. وقد يظل خلال هذه الفترة يسبب العدوى إذا ما دخل جسم شخص غير محمي باللقاح. وتتراوح فترة حضانة فيروس التهاب الكبد B من 30 إلى 180 يوماً. ويمكن الكشف عن الفيروس في غضون فترة تتراوح بين 30 يوماً و60 يوماً بعد الإصابة بالعدوى وبمقدور الفيروس الاستمرار والتحول إلى التهاب الكبد B المزمن، خصوصاً إذا انتقل للشخص أثناء مرحلة الرضاعة أو الطفولة.

الأعراض

لا تظهر أي أعراض على معظم الناس عند إصابتهم حديثاً بالعدوى. ومع ذلك، يُصاب بعض الأشخاص باعتلال حاد وتظهر عليهم أعراض تدوم عدة أسابيع وتشمل اصفرار البشرة والعيون (اليرقان)، والبول الداكن، والإجهاد الشديد، والغثيان، والقيء، وآلام البطن. ويمكن للأشخاص المعانين من التهاب الكبد الحاد أن يُصابوا بفشل كبدي حاد قد يسبب الوفاة. ومن بين المضاعفات الطويلة الأمد الناجمة عن العدوى بفيروس التهاب الكبد B، تُصاب مجموعة فرعية من الأشخاص بأمراض الكبد المتقدمة مثل تليف الكبد وتسرطن الخلايا الكبدية، والتي تسبّب مستوى مرتفعاً من المراضة والوفيات.

عدوى فيروس التهاب الكبد B المصاحبة لعدوى فيروس العوز المناعي البشري

حوالي 1% من المصابين بعدوى بفيروس التهاب الكبد B (2.7 مليون شخص) مصابون أيضاً بعدوى فيروس العوز المناعي البشري. وفي المقابل، تبلغ معدلات انتشار الإصابة بعدوى فيروس التهاب الكبد B على الصعيد العالمي لدى المصابين بفيروس العوز المناعي البشري 7.4%. وقد أوصت المنظمة منذ عام 2015 بتوفير العلاج لكل من تُشَخَّص إصابته بعدوى فيروس العوز المناعي البشري، بغض النظر عن طور المرض. ودواء تينوفوفير المدرج في توليفات الأدوية الموصى باستخدامها كعلاج الخط الأول المضاد للعدوى بفيروس العوز المناعي البشري هو دواء ناجع ضد فيروس التهاب الكبد B أيضاً.

التشخيص

لا يمكن التمييز سريرياً بين التهاب الكبد B والتهاب الكبد الناجم عن عوامل فيروسية أخرى، لذلك من الضروري تأكيد التشخيص مختبرياً. ويتوافر العديد من اختبارات الدم لتشخيص التهاب الكبد B لدى المصابين به ورصدهم. ويمكن استخدام هذه الاختبارات للتمييز بين الحالات المرضية الحادة والمزمنة.

وتوصي المنظمة بإجراء اختبار الكشف عن التهاب الكبد B في كل كميات الدم المتبرع بها لضمان مأمونية الدم وتفادي الانتقال العرضي للعدوى.

وفي عام 2019، كان 30,4 مليون شخص (ما يُقدّر بنسبة 10% من مجموع الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد B) على علمٍ بإصابتهم بالعدوى في حين كان 6,6 ملايين شخص (22%) من الأشخاص الذين شُخِّصت حالتهم يتلقون العلاج. ووفقاً لأحدث تقديرات المنظمة، انخفضت نسبة الأطفال دون سن الخامسة المصابين بالعدوى بفيروس التهاب الكبد B المزمن إلى أقل بقليل من 1% في عام 2019 بعد أن كانت تناهز نسبتهم 5% في حقبة ما قبل اللقاح التي تغطي الفترة المتراوحة بين الثمانينات ومطلع القرن الحادي والعشرين.

العلاج

لا يوجد علاج محدد لالتهاب الكبد B الحاد. ولذلك، ترمي الرعاية إلى الحفاظ على راحة المريض وتمتعه بتوازن تغذوي مناسب، بما يشمل التعويض عن السوائل المفقودة بسبب القيء والإسهال. والجانب الأهم هو تحاشي إعطاء أدوية بلا داعٍ. وينبغي تفادي إعطاء المرضى دواء أسيتامينوفين وباراسيتامول والأدوية المضادة للقيء.

ويمكن علاج العدوى بالتهاب الكبد B المزمن بالأدوية، بما فيها الأدوية الفموية المضادة للفيروسات. وبمقدور العلاج أن يبطئ تفاقم تليف الكبد ويحد من معدلات الإصابة بسرطان الكبد ويعزز بقاء المريض على قيد الحياة لأجل طويل. وأشارت تقديرات المنظمة في عام 2021 إلى أن العلاج لازم لنسبة تتراوح بين 12% و25% من المصابين بالتهاب الكبد B المزمن، حسب السياق ومعايير الأهلية.

وتوصي المنظمة باستخدام العلاجين الفمويين (دواء تينوفوفير أو دواء إنتيكافير)، باعتبارهما أكثر الأدوية فاعليةً للقضاء على فيروس التهاب الكبد B. ويتعين على معظم الأشخاص الذين يباشرون العلاج المضاد لالتهاب الكبد B أن يواصلوا تناوله طوال حياتهم.

وفي السياقات المنخفضة الدخل، يلقى أغلب الأشخاص المصابين بسرطان الكبد حتفهم في غضون أشهر قليلة بعد تشخيص المرض. أما في البلدان المرتفعة الدخل، فيحضر المريض إلى المستشفى في وقت مبكر من مسار المرض، ويحصل على خدمات الجراحة والمعالجة الكيميائية التي يمكن أن تطيل عمر المرضى لعدة أشهر إلى بضع سنوات. وتُستخدم عمليات زرع الكبد أحياناً لعلاج المصابين بتليف الكبد أو سرطان الكبد في هذه البلدان، بدرجات متفاوتة من النجاح.

الوقاية

توصي منظمة الصحة العالمية بأن يتلقى جميع الرضع جرعة من اللقاح المضاد لالتهاب الكبد B في أسرع وقت ممكن بعد الولادة، ويفضَّل أن تُعطى هذه الجرعة في غضون 24 ساعة، ثم جرعتين أو 3 جرعات من اللقاح على أن تفصل بين هذه الجرعات 4 أسابيع على الأقل لإكمال سلسلة التطعيم. وتدوم الوقاية المكتسبة لفترة لا تقل عن 20 عاماً وتستمر طيلة العمر على الأرجح. ولا توصي المنظمة بإعطاء جرعات معززة من اللقاح للأشخاص الذين استكملوا جدول التطعيم ثلاثي الجرعات.  

وبالإضافة إلى تطعيم الرضع، توصي المنظمة باستخدام العلاج الوقائي بمضادات الفيروسات من أجل الوقاية من انتقال العدوى بالتهاب الكبد B من الأم إلى الطفل. كما يسهم تنفيذ استراتيجيات لضمان مأمونية الدم والممارسات الجنسية الأكثر مأمونية، بما في ذلك ممارسة الجنس مع أدنى عدد من الشركاء واستخدام وسائل وقائية عازلة (العوازل)، في الوقاية من انتقال العدوى.

تنظم المنظمة حملة سنوية بمناسبة اليوم العالمي لالتهاب الكبد (وهي في عداد حملاتها الصحية الرئيسية التسع المنظمة سنوياً) لإذكاء الوعي بمرض التهاب الكبد الفيروسي وتعزيز فهمه. وبمناسبة اليوم العالمي لالتهاب الكبد 2022، تركز المنظمة على موضوع “جعل رعاية حالات التهاب الكبد أكثر قرباً منك” وتدعو إلى تبسيط تقديم خدمات مكافحة التهاب الكبد الفيروسي، وبالتالي جعل الرعاية أكثر قرباً من المجتمعات المحلية.

زر الذهاب إلى الأعلى