التثاؤب: لغة عالمية تجمع البشر والحيوانات

التثاؤب: أكثر من مجرد استجابة طبيعية.. إنه لغز تطوري ووظيفة بيولوجية
قد يبدو التثاؤب فعلاً بسيطاً ومألوفاً، لكنه يحمل في طياته معاني وأهدافاً أكثر تعقيداً مما نعتقد. فالبشر ليسوا الوحيدين الذين يتثاءبون؛ بل إن جميع الفقاريات، بما في ذلك الأسماك، البرمائيات، الزواحف، الطيور، والثدييات، تشترك في هذه الظاهرة الفريدة.
تاريخ تطوري قديم
وفقاً لأندرو غالوب، أستاذ علم الأحياء السلوكي بجامعة جونز هوبكنز، يُعتبر التثاؤب “فعلاً قديماً من الناحية التطورية”. واستمراره عبر مملكة الحيوان يشير إلى أنه يحمل وظيفة تطورية مهمة. يقول غالوب:
“تشير الأبحاث إلى أن التثاؤب يخدم مجموعة متنوعة من الأغراض المرتبطة بالتغيرات في حالة اليقظة أو أنماط النشاط”.
التثاؤب واليقظة
غالباً ما نلاحظ أننا نتثاءب بشكل متكرر في فترتين أساسيتين:
- قبل النوم.
- بعد الاستيقاظ.
يؤكد غالوب أن هذا الفعل مرتبط بزيادة الإثارة واليقظة عند الانتقال بين حالات النشاط المختلفة. ويقول:
“التثاؤب يعزز الوعي العقلي واليقظة، مما يساعدنا على التكيف مع التغيرات في الحالة”.
وظيفة تبريد الدماغ
تشير الدراسات الحديثة إلى أن التثاؤب يلعب دوراً في تبريد الدماغ.
- يُساعد التثاؤب في خفض درجة حرارة الدماغ، مما يقلل من التوتر والقلق.
- التوتر والقلق يزيدان من حرارة الدماغ، وهذا بدوره يؤدي إلى التثاؤب كوسيلة للتبريد.
غالوب أوضح قائلاً:
“عندما يتثاءب الأفراد في بيئة أكاديمية أو غرفة اجتماعات، فقد يكون ذلك علامة على أنهم يحاولون بالفعل الانتباه وتحفيز اليقظة”.
التثاؤب: لغة مشتركة بين جميع الفقاريات
من المثير للاهتمام أن التثاؤب ليس حكراً على البشر، بل هو لغة عالمية تمتد عبر مملكة الحيوان. يمكن للأسماك أن تتثاءب في المياه، والزواحف والطيور تستخدمه كوسيلة لتنظيم حالتها العقلية والجسدية.
سواء كنت تتثاءب بسبب النعاس، التوتر، أو حتى في محاولة للبقاء يقظاً في اجتماع عمل طويل، فإن هذا الفعل البسيط يحمل وظائف بيولوجية عميقة. التثاؤب ليس مجرد عادة؛ بل هو جزء من تاريخنا التطوري المشترك مع الكائنات الحية الأخرى، ودليل على تعقيد الآليات التي تتحكم في أجسامنا.