الصحة المستدامةالصحة النفسية

هل لمهنتك علاقة بصحتك النفسية؟

لطالما طُرحت تساؤلات حول تأثير الصحة النفسية على المسارات المهنية، وما إذا كان للعوامل الوراثية والجينية دورٌ في تحديد طبيعة العمل الذي يختاره الإنسان. دراسة حديثة، نشرتها صحيفة “نيويورك بوست”، تلقي الضوء على وجود ارتباط بين بعض المهن والاستعداد الوراثي للاضطرابات النفسية، لكنها تؤكد أيضاً أن العوامل البيئية والاجتماعية تظل الأكثر تأثيراً في هذه الاختيارات.

دراسة شاملة على 400 ألف شخص

استند الباحثون في “كلية الطب إيكان – ماونت سيناي” إلى بيانات أكثر من 400 ألف شخص في الولايات المتحدة وبريطانيا، لفهم العلاقة بين المجال المهني والاستعداد الوراثي للاضطرابات النفسية، بما في ذلك اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، والتوحد، والاكتئاب، والفصام، والقلق.

الاضطرابات النفسية والمجالات المهنية

كشفت الدراسة أن بعض المهن ترتبط بشكل أكبر باضطرابات نفسية معينة:
🖌️ المجالات الإبداعية (الفنون، التصميم): أكثر عرضة للإصابة بـ الاكتئاب، الفصام، التوحد، اضطراب ثنائي القطب، وفقدان الشهية.
🧮 مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM): ارتفاع معدل انتشار اضطرابات طيف التوحّد بين العاملين فيها.
👩‍🏫 المعلمين والمربين: تكرر معاناتهم من فقدان الشهية العصابي (Anorexia Nervosa).
🤝 العاملين في المجالات الاجتماعية: أكثر عرضة للإصابة بالفصام.

في المقابل، كانت هناك مجالات مهنية أظهرت استقراراً نفسياً أكبر، مثل:
🏗️ الهندسة المعمارية والهندسة
🏥 الرعاية الصحية
🌾 الزراعة
💼 الأعمال والتمويل وإدارة المكاتب والمبيعات

تحليل أعمق: هل الجينات تحدد مسارك المهني؟

في حين أن الدراسة كشفت عن بعض الروابط بين المؤشرات الجينية والمهن، إلا أنها وجدت أن هذه العوامل لا تمثل سوى 0.4% من أسباب اختيار الشخص لمهنته. بالمقارنة، تبين أن العمر، الجنس، والظروف الاجتماعية والثقافية تلعب دوراً أكبر بكثير.

الانحياز التعليمي وتأثيره على التشخيص

أظهرت الدراسة أن الوظائف التي تتطلب تعليماً أقل غالباً ما ارتبطت بتصنيف العاملين فيها بأنهم يعانون اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD). يرى الباحثون أن هذا قد يكون نتيجة انحياز تعليمي ممنهج، حيث يُطلق على الطلاب وصف “اضطراب فرط الحركة” لمجرد صعوبة تكيّفهم مع النظام التعليمي، حتى لو لم يكونوا مصابين فعليًا بهذا الاضطراب.

خلاصة الدراسة

🔹 الجينات قد تلعب دوراً طفيفاً في تحديد الميول المهنية، لكنها ليست العامل الأساسي.
🔹 العوامل البيئية والاجتماعية والشخصية لها التأثير الأكبر على الاختيارات المهنية.
🔹 بعض المهن قد تكون أكثر جاذبية للأشخاص ذوي الاستعداد الوراثي لبعض الاضطرابات النفسية، لكن لا توجد قاعدة ثابتة تحكم ذلك.
🔹 يجب تجنب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية في سوق العمل، والتركيز على تمكين الأفراد وفق قدراتهم ومهاراتهم بدلاً من تصنيفهم بناءً على ميولهم الجينية.

الرسالة الأهم:

لا تحدد جيناتك مستقبلك المهني، بل تحدده مهاراتك، شخصيتك، وبيئتك الاجتماعية. إن فهم الصحة النفسية في مكان العمل يمكن أن يساهم في تحسين بيئات العمل، وتقديم دعم أفضل للأفراد ليتمكنوا من تحقيق إمكاناتهم الكاملة بغض النظر عن الاستعداد الوراثي.

زر الذهاب إلى الأعلى