علوم وتكنولوجيا

كيف يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل التحريات الجنائية؟ تحليل 81 عاماً من الأدلة في 30 ساعة فقط!

تعد التحريات الجنائية عملية معقدة وطويلة تتطلب جهوداً مضنية من رجال الشرطة والمحققين. ومع تطور التكنولوجيا، أصبح من الممكن تحسين كفاءة هذه العمليات وتسريعها بشكل كبير. واحدة من أحدث التطورات في هذا المجال هي أداة ذكاء اصطناعي جديدة يمكنها تحليل القضايا الجنائية المعقدة بسرعة فائقة، لتحدث ثورة في عالم التحقيقات الجنائية.

ما هي الأداة الجديدة وكيف تعمل؟

تجرب شرطة أفون وسومرست في المملكة المتحدة، التي تغطي مناطق مثل بريستول وباث وويلز، أداة ذكاء اصطناعي جديدة تم تطويرها في أستراليا. هذه الأداة تستطيع تحليل كم هائل من المعلومات والبيانات المتنوعة في وقت قياسي. يمكنها معالجة لقطات الفيديو، والمعاملات المالية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ورسائل البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى المستندات الأخرى، في وقت واحد.

لقد أثبتت التجارب الأولية أن هذه الأداة قادرة على مراجعة جميع المواد والأدلة في 27 قضية معقدة خلال 30 ساعة فقط، وهي نفس القضايا التي كان من المتوقع أن تستغرق من المحققين 81 عاماً لإتمامها بالطرق التقليدية. هذا الإنجاز يظهر مدى القدرة التحليلية الكبيرة للذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن يكون حلاً لبعض أقدم القضايا غير المحلولة.

كيف يُمكن لهذه التقنية أن تغير مستقبل التحريات الجنائية؟

1. تسريع عملية التحقيق: يمكن لأداة الذكاء الاصطناعي هذه أن تختصر الزمن اللازم لتحليل الأدلة وجمع المعلومات من سنوات إلى ساعات معدودة، مما يمنح المحققين القدرة على التركيز على جوانب أخرى من التحقيق، مثل استجواب الشهود والبحث الميداني.

2. تحديد خيوط جديدة: تستطيع الأداة تحديد خيوط قد لا يتمكن المحققون من العثور عليها باستخدام الطرق التقليدية. من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي ربط النقاط التي قد تبدو غير ذات صلة للوهلة الأولى، مما يسهل الوصول إلى أدلة جديدة.

3. حل القضايا القديمة: يمكن استخدام هذه التقنية في مراجعة القضايا القديمة التي لم تحل، حيث قد تكون الأدلة موجودة، ولكن لم يتم ربطها بشكل صحيح. كما أشار غافين ستيفنز، رئيس «مجلس قادة الشرطة الوطنية»، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في إغلاق بعض أقدم وأشهر القضايا غير المحلولة في البلاد.

هل يُمكن أن تكون هذه الأداة بديلاً للشرطة؟

على الرغم من القدرات الهائلة التي توفرها هذه التقنية، يؤكد الخبراء أنها ليست بديلاً عن عمل رجال الشرطة، بل هي وسيلة لدعمهم ومساعدتهم على اتخاذ القرارات النهائية. فالذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحل محل الحس الإنساني والفهم العميق للطبيعة البشرية الذي يتمتع به المحققون المحترفون. بدلاً من ذلك، يمكن استخدامه كأداة قوية تسهم في تحسين الكفاءة وتسريع عملية التحقيق.

التحديات والتطلعات المستقبلية

على الرغم من الفوائد المحتملة الكبيرة، يواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في التحريات الجنائية عدة تحديات، منها:

  1. الخصوصية وحماية البيانات: يجب التأكد من أن استخدام هذه التقنية يحترم خصوصية الأفراد ويتماشى مع القوانين المعمول بها.
  2. الدقة والمصداقية: يجب أن تكون الأداة دقيقة وموثوقة في تحليلها، حيث إن أي خطأ في تحديد الأدلة يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.
  3. الاعتماد على البشر: يجب ألا يتم الاعتماد بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي، بل يجب أن يكون دوره مساعداً وداعماً للمحققين.

قد يكون الذكاء الاصطناعي هو المفتاح لفتح آفاق جديدة في مجال التحريات الجنائية. من خلال قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات في وقت قياسي، يمكن أن يسهم في حل القضايا المعقدة والمساعدة في إغلاق القضايا العالقة. ومع ذلك، يجب استخدام هذه التكنولوجيا بحذر وبتوازن، مع الحفاظ على الدور الحاسم للمحققين البشر في اتخاذ القرارات النهائية.

إن مستقبل التحريات الجنائية يبدو واعداً مع هذه التطورات التكنولوجية، ولكن يبقى التحدي الأكبر هو دمج الذكاء الاصطناعي بشكل فعال وآمن في عمليات التحقيق لضمان تحقيق العدالة بأسرع وقت ممكن.

زر الذهاب إلى الأعلى