“سلطان محمد”.. لم تمنعه الإعاقة الحركية من مواصلة حياته التعليمية والاجتماعية بنجاح وتفوق
من الصعوبة بمكان أن تواجه كل الصعاب وتصارع العقبات التى تعترض حياتك اليومية لتصل إلى ما تطمح إلى تحقيقه, ومن المؤكد أن الصعود إلى قمة هذه الرؤية من الأهداف يتطلب الكثير من التضحيات وسلوك سبل النجاح المبني على قوة الإرادة والعزيمة ورغبة التميز والارتقاء.. وعادة لا تخلو التحديات على الكثير والكثير من الضغوطات, على اختلافها من فرد لآخر كل حسب أحواله.. وأصحاب الهمم مثلهم مثل غيرهم لهم طموحاتهم وأهدافهم يسعوا لتحقيقها بنظرة مستقبلية رغم مصاعب الإعاقة، يكافح المعاق ويجتهد بهدف إثبات الوجود, في المجتمع الذي يعيش فيه ليس كمعاق وإنما كمبدع ومنتج ومساهم في تنمية مجتمعه، و”سلطان محمد علي”, أحد هؤلاء الأشخاص من أصحاب الهمم الذين تحدوا إعاقتهم واستطاع أن ينجز ويرتقي بنفسه إلى أعلى الدرجات.
يعانى “سلطان” من إعاقة ذهنية مصاحبة لإعاقة حركية جراء نقص فى الأكسجين أثناء عملية الولادة، التحق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنة 1992 وحالياً هو طالب بقسم التأهيل المهني بفرع الذيد التابع للمدينة، استطاع بإرادته القوية الانتصار على إعاقته وأثبت أن المعاق ليس ذلك الشخص الذي يعاني من مشكلة في جسمه وإنما الشخص المعاق هو من يستطيع أن ينتج ولا يريد ذلك.
دعم الأسرة
لم تمنع الإعاقة الحركية “سلطان” من مواصلة حياته الاجتماعية والتعليمية بنجاح وتفوق، وبتشجيع ودعم من أفراد أسرته لم يشعر بأن شيئا ينقصه أو يميزه عن بقية إخوانه أو أصدقائه، فهو يزاول حياته بشكل طبيعي، متحدياً إعاقته نحو إثبات ذاته وتنمية مهاراته في استخدام الحاسب الآلي واهتمامه بورشة النجارة والسجاد، فضلاً عن ممارسته لرياضة البوتشيا.
لولا دعم ومساعدة أهله له وحرصهم الدائم على توفير كافة الأجواء المناسبة لكان وضعه وحاله مختلفاً عما هو عليه الآن، ويستذكر الوقفات المثالية لأهله وإخوانه إلى جانبه ودعمهم المتواصل بتهيئة كامل الأجواء لتتناسب معه وتوفير كل ما يحتاجه من متطلبات وكذلك تشجيع والديه له ودفعه للتفوق في التعليم وتحقيق كامل رغباته وطموحاته خاصة في مجال رياضة البوتشيا الذي أحرز فيها الكثير من النجاحات على المستوى المحلي والدولي، قائلا: “لم استسلم لإعاقتي فكافحت وأصريت على التفوق في دراستي، ويرجع الفضل بعد الله عزوجل في الخدمات القيمة التي أتلقاها بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من حيث المعاملة الطيبة وحرص العاملين من أخصائيين ومشرفين على متابعة كامل خطوات الإرتقاء بمستوياتي نحو الأفضل وجهود أهلي التي تدفعني دائما إلى النجاح بإرادة وثقة”.
الإعاقة الحركية لم تحد من رغبته في العيش بصورة طبيعية، فلديه العديد من الأصدقاء من أبناء الحي الذي يقطن فيه يزورنه ويخرجون معه ويتحدث إليهم باستمرار، وتحمل مخيلته العديد من الآمال والأمنيات التي يرغب في تحقيقها، من بينها مواصلة تعليمه المدرسي وصولاً إلى الجامعة والالتحاق بإحدى الوظائف الحكومية ليستقل بدخل ثابت.
شخصية اجتماعية
“سلطان”, شخصية اجتماعية يحب المشاركة في أنشطة الأشخاص من ذوي الإعاقة ومجتمعاتهم كما يحب العمل التطوعي وشارك في العديد من مخيمات الأمل الخليجية كما تم إشراكه كإداري عن الفرع مع الطلاب المشاركين في أنشطة وبرامج الأولمبياد الخاص الذي ينظم للمعاقين على مستوى، وشارك في البطولتين الإقليميتين للأولمبياد الخاص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بطولة ( زايد الخير دبي 2006 ) والبطولة السادسة أبوظبي 2008 وفي سنة 2010 أدخل اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين لعبة البوتشيا لفئة الشلل الدماغي من ضمن الألعاب البارالمبية كلعبة جديدة ونظم دورات للمدربين والحكام وقام بتصنيف اللاعبين بأندية ومراكز المعاقين بالدولة وبعدها نظم دورة استكشافية لاختيار العناصر الجيدة في اللعبة لتمثل الإمارات في بطولة العالم للبوتشيا بالبرتغال، وتم اختياره من فرع المنطقة الوسطى بالذيد ضمن منتخب البوتشيا المكون من 5 لاعبين فقط وهنا وجد سلطان ضالته ولعبته التي أتاحت له الفرصة بالمشاركة في بطولة العالم للبوتشيا بالبرتغال بمشاركة 32 دولة وأضافت له المشاركة خبرة دولية واسعة استفاد منها الكثير، كما شارك بدورة الألعاب الأسيوية البارالمبية بمدينة غونزهو الصينية ضمن فريق البوتشيا حقق فيها نتائج طيبة محرزاً 11 ميدالية ملونة 4ذهبيات و6 فضية وبرونزية.
إصرار ومثابرة
استطاع سلطان بإصراره ومثابرته أن يحقق جزئاً هاماً من طموحه الغير متناهي ويحقق السعادة لنفسه ولزوجته وابنته “شيخة” التي تمثل الحافز الأكبر ليكون أباً مثالياً، ولم تمنعه ظروف إعاقته الحركية من ذلك بل كانت الدافع القوي وراء تحدياته ليحقق بجدارة السعادة المثالية لأسرته، كيف لا وقد نعم الله عليه بعقل يفكر ووهبه إرادة وطموح وتفاؤول يصنع الكثير خاصة روحه التي لا تعترف باليأس ويتضح ذلك في ابتسامته التي لا تفارق وجهه والتي تحمل في خلفيتها معاني الإصرار والعزيمة لتجاوز المصاعب وتحقيق السعادة.
تقول زوجته “ميرة” عن سلطان “يعتمد على نفسه في كل شيء وأنا سعيدة بمعاملته الطيبة ولا أعتبره شخص معاق ويكفي أنه منحني كامل الاستقرار العائلي والسعادة الزوجية، وبدعمه تفوقت في دراستي وتخرجت بشهادة الثانوية العامة”. وتضيف الزوجة “أن الشخص المعاق ذلك الشخص الغير قادر على العطاء لوطنه وكل ما يحتاجه الشخص المعاق هو الدعم المعنوي وإعطاءه الفرصة لإثبات وجوده وأن ينظر له المجتمع النظرة الإيجابية والإنسانية.