دراسات جديدة: نزلات البرد المعتدلة .. مناعة ضد كوفيد-19
أكد العديد من الأبحاث السابقة على أن بعض الفيروسات المسببة لنزلات البرد تثبط تكاثر ومن ثمّ إنتقال فيروس كورونا المستجد SARS-Cov-2 والحدّ من شدته.
يقول الدكتور رضا محمد طه, أستاذ الفيروسات المساعد ورئيس قسم النبات/كلية العلوم/ جامعة الفيوم, أستنادا إلى دراسة جديدة نُشرت في 30 مارس 2021 في دورية The Journal of Infectious Diseases أجراها علماء من جامعة إم آر سي بمركز جلاسكو لأبحاث الفيروسات بالمملكة المتحدة، حيث قام فريق البحث بالإستفادة من التشابك والتفاعل بين فيروسات رينو التي تصيب الإنسان HRVs والمسببة لأكثر من 50% من حالات نزلات البرد المعتادة، وهي الفيروسات الأكثر شيوعاً بين إصابات الجهاز التنفسي، ووجدوا أن الإصابة بعدوى فيروس نزلات البرد المعتدلة توفر مستوى معقول من الحماية ضد كوفيد-19، بما قد يحول دون إنتشار الفيروس وإستمرار الجائحة.
يضيف د. رضا طه, أن ثمة دراسات سابقة كشفت عن أن الإصابة بفيروسات HRVs يعمل على تثبيط إنتشار الفيروسات من نوع أو سلالة فيروس الإنفلونزا H1N1 المعروفة بإنفلونزا الطيور والتي إجتاحت أوروبا في 2009 وتسببت في وباء عالمي. وقد أرجع العلماء السبب في ذلك إلى تحفيز فيروسات HRVs عند دخولها خلايا الإنسان تكوين إنترفيرون وهو مضاد فيروسي يعمل على تحفيز المناعة الفطرية في الجسم ضد العدوى الفيروسية والتخلص من الفيروس عن طريق حرمانه من التضاعف.
ووفقاً للدكتو رضا طه, كشفت نتائج تلك الدراسة أنه عندما اختبر فريق البحث نطاق فيروس HRV في قدرته على التخلص من فيروس كورونا المستجد، جاءت النتائج تؤكد قدرته على تثبيط الفيروس بغض النظر عن أي الفيروسين أصاب الخلايا أولاً، حيث تراجعت أعداد فيروس كورونا بصورة سريعة حتى اختفت تماماً بعد 48 ساعة فقط من تواجد فيروس HRV معه. على الجانب الآخر، لم يُظهر فيروس كورونا المستجد أي تأثير سلبي على تكاثر فيروس HRV في خلايا مزارع الأنسجة. ولكي يتأكد الباحثون من فعل الإنترفيرون المثبط لفيروس كورونا المستجد، أجري الإختبار في وجود جزيء يمنع تأثير الإنترفيرون ويوقف عمله، فكانت النتيجة هي إستعادة فيروس كورونا المستجد قدرته على التكاثر في الخلايا المصابة بفيروس HRV.
في نفس السياق، دراسة أخرى نُشرت يوم 25 مارس 2021 في مجلة تطور الفيروس Virus Evolution وأجراها فريق من الباحثين في جامعة Charite برلين-ألمانيا، كشفت نتائجها عن وجوب تطوير لقاحات كوفيد-19 بما يواكب ما يحث من طفرات وظهور نسخ متحورة جديدة لفيروس كورونا المستجد مثلما يحدث في لقاحات الإنفلونزا والتي تتغير سنوياً حسب السلالات السارية كل موسم.
في تلك الدراسة ركّز الباحثون على إثنين من فيروسات كورونا المسببة لنزلات البرد والأكثر شيوعاً وهما 229E2 وOC43 حيث سجلت التغيرات التي حدثت في بروتين أشواك الفيروسين خلال أربعين عاماً مضت من خلال التغيير في التسلسل الجيني لهما بالإستعانة بالبيانات والمعلومات المسجلة، وعن طريق شجرة علاقات القرابة والنسب phylogenetic trees للفيروسين ومقارنتها مع شجرة الأنساب لسلالة H3N2 فيروس الإنفلونزا والمعروفة بمراوغتها وكفاءتها في الإفلات من الجهاز المناعي، كشفت النتائج أنه حدث إنجراف جيني antigenic drift في هذين الفيروسين مثلما يحدث في فيروسات الإنفلونزا، حيث ينتج عنه إستبدال نسخة متحورة variant بأخرى أكثر عدوى وشدة مرضية.
أوضح فريق البحث أن فيروس الإنفلونزا يراكم 25 طفرة لكل عشرة آلاف نيوكليوتيدة مقابل ست طفرات يراكمها فيروسي كورونا محل الدراسة، أي أن فيروسات كورونا أبطأ في معدل التطفر أربع مرات مقارنة بفيروس الإنفلونزا وهذا مطمئن، لكن فيما يخص فيروس كورونا المستجد فإنه يراكم 10 طفرات لكل 10 آلاف نيوكليوتيدة في الجينوم، في دلالة على سرعة تطوره بفيروسات كورونا المسببة لنزلات البرد، وهو ما يفسر السبب في ظهور نسخ متحورة منه بعضها سريع الإنتشار مثل النسخة الجنوب أفريقية والبريطانية والبرازيلية، والسبب في موجات من كوفيد-19 لا زالت تهدد البشرية رغم وجود اللقاحات وما نسمع عن بعضها من جدل ولجاج.