بغرض إبراز القدرات الفنية والإبداعية الحركية.. “نقطة لون”.. مرسم يحتضن أطفال متلازمة داون
كشفت دراسة حديثة أن اختبارات رسم البيئة المحيطة بنا من شأنها أن تعمل على تحسُّن مستوى التوافق وتنمية مهارات الأطفال المصابين بـ”متلازمة داون”، التي تظهر كإعاقة ذهنيّة.
الفنانة التشكيلية “سماح ياسين” دشنت مؤخرًا مرسم “نقطة لون”، حيث يقوم المرسم على توفير الخدمات والأدوات الخاصة بتعليم الفنون في مهارات الخط العربي والرسم على الزجاج وتنسيق الزهور والإكسسوارات والمجسمات والزخارف الإسلامية والتصوير، وغيرها من الفنون وورشات العمل للأطفال والسيدات على حد سواء.
ومن ضمن الأنشطة التى يقوم بها المرسم عمل دورات “تطوعية” لتعليم أطفال متلازمة الداون على فنون الرسم، واكتشاف الموهبة التي يتمتعون بها، وهم بحاجة إلى اكتشاف وتمرين من مختصين، وهو ما قامت به بالفعل من خلال دورات عدة، تم تخصيص جزء من نشاطات المرسم لأطفال متلازمة داون والتوحد.
قدرات فنية وإبداعية
وعن تجربتها مع أطفال داون، تقول ياسين إنها في إحدى الفعاليات التي نظمتها في مرسم “نقطة لون” فاجأت طفلة “داون” في عيد ميلادها بتنظيم حفلة رسم، ولاحظت بعد ذلك مدى الإقبال والتفاعل الذي يشعر به طفل متلازمة داون مع الآخرين في إظهار قدراته الفنية والإبداعية الحركية.
بعد ذلك قررت ياسين أن يكون جزء من عملها بشكل تطوعي مع أطفال متلازمة داون بالتعاون مع جمعيات مهتمة في الفئة ذاتها، كما في جمعية الياسمين لأطفال داون، وقامت بإعداد الكثير من الفعاليات وورش العمل التي خصصتها لأطفال داون لتعليم الحرفية في الرسم.
وتقول ياسين إنها تفاجأت بمقدرة الكثير من أطفال داون على التحكم بحركاتهم وأحاسيسهم في اختيار الرسوم وإتقانها بشكل ممتاز لدى البعض، وتؤكد أن تعلم الرسم والفن لا يقف عند حد تعليم شيء جديد بقدر ما هو أبواب تُفتح لهم ليكونوا عناصر متفاعلين مع المجتمع المحيط.
دورة “البورتيج”
ولزيادة قدرتها على التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة، تقول ياسين إنها قامت بالتسجيل في دورة “البورتيج” التي تُعنى بطريقة التعامل مع أطفال “داون”، من خلال تعاونها مع جمعية الياسمين، وهذا زاد من معرفتها بالطريقة المثلى للتعامل مع أطفال داون الذين لا تتوانى عن تقديم يد العون لهم لاستخراج مكنوناتهم الفنية، والتي في أكثرها تعبر عما يجول في خاطرهم.
و”البورتيج” عبارة عن برنامج منزلي يُعنى بالتدخل المبكر لتثقيف أمهات الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون، من سن الولادة إلى 9 سنوات، يختص بالتدخل المبكر لتدريب الأطفال داخل بيئتهم المحلية وخاصة المنزل، وتدور فكرة البرنامج حول تزويد الأم خلال الزيارة المنزلية والتي تكون مرة واحدة بالأسبوع، يتعلم خلالها المتدرب الأسس المتعلقة برعاية الطفولة والتعليم الخاص والمؤثرات الحسية التي تؤدي إلى تطوير مهارات الأطفال من هذه الفئة.
وتحدثت ياسين كذلك عن تجربتها مع أطفال “داون” من خلال جولتها في المحافظات مع مجموعة كبيرة من المهتمين بهذه الفئة، في سبيل توعية الأفراد بهم وباحتياجاتها، وعدم حصرهم في عالم منغلق؛ إذ أنهم قادرون على التعبير والحركة وخدمة أنفسهم بأنفسهم دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، وخاصة في تفاصيل حياتهم اليومية.
وكانت هذه الجولة التي شملت معظم محافظات المملكة تحت شعار “أنا”، وتشتمل على محاضرات وورشات عمل تهتم بأطفال “داون”، وكانت ياسين خلال هذه التجربة قد اكتسبت الكثير من المهارات في طريقة تعاملها مع ذوي متلازمة “داون”، ما جعلها مؤهلة للتعامل والتشارك معهم بطريقة تكتشف قدراتهم وخاصة “الفنية” منها.
القدرة على العطاء
وتؤكد ياسين أن الأطفال الذين تتعامل معهم من خلال ورشات العمل التي تنظمها لهم قادرون على العطاء والتأقلم مع الآخرين، ولديهم الكثير من الإبداعات الخلاقة التي تظهر في أعمالهم الفنية، وتشدد على ضرورة دمجهم مع الأطفال الآخرين في أعمالهم ودراستهم، كون ذلك يساعدهم على تكوين صداقات ومجتمع تفاعلي، يحفزهم في الوقت ذاته على الاعتماد على أنفسهم في المستقبل، وألا يكونوا عالة على الآخرين.
وتشير ياسين إلى أن أعمالها التعليمية الفنية كافة التي تُقيمها لأطفال داون “مجانية تطوعية”، تهدف من ورائها إلى تحفيز الأهل على تنمية مواهب أطفالهم، وعدم تركهم بدون رعاية تعليمية أو حتى تنمية مواهبهم؛ لأنها تصنع منهم فنانين ومبدعين، كما عملت مع إحدى الفتيات التي قامت ياسين بتدريبها على الرسم، لتكتشف فيها موهبة كبيرة ودقة متناهية في الرسم.
“نقطة لون”
وتمتلك ياسين مرسم “نقطة لون” الذي هو عبارة عن مكان مخصص لتعليم الفنون الجميلة مثل: الرسم، والفنون الحرفية، وتنمية المهارات الفنية للنساء والأطفال بأسلوب ممتع، ويستخدم المرسم أرقى وسائل التعليم والإيضاح لتعليم الفنون، كما يتم تنظيم المعارض لمنتجات الأطفال سنويًا في صالات عرض متخصصة.
كما يقوم “نقطة لون” بتوفير الخدمات والأدوات الخاصة بتعليم الفنون في مهارات الخط العربي والرسم على الزجاج وتنسيق الزهور والإكسسوارات والمجسمات والزخارف الإسلامية والتصوير، وغيرها من الفنون وورش العمل للأطفال والسيدات على حد سواء.
وتوجه ياسين رسالتها إلى الناس بقولها إن الفكرة من مشروع تدريب الرسم لأطفال داون ليست فقط الترفيه، بل يمكن لأي نشاط تعليمي أو ترفيهي يقوم به الأهل مع أطفالهم ذوي الإعاقة أن يكون انطلاقة لهم لجعلهم قادرين على الاعتماد على أنفسهم، وتقديرهم بشكل دائم، وعدم الشعور بالحرج من وجود طفل داون في العائلة؛ فهم “رائعون ولطيفون وعندهم قدرة على الملاحظة والتطبيق”.