“المخدرات والإدمانات الأخرى”.. ماهي وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
يعد كتاب “المخدرات والإدمانات الأخرى” أحد أهم الإصدارات في مجاله بسبب الخبرات الكبيرة لمؤلفه الدكتور “إيهاب إدوار الخراط” في مجال علاج الإدمان.. نطلع من خلاله على أنواع الإدمانات المختلفة، الفوارق بينها، الطرق المُثلى لمعالجتها والتخلص منها، وكل ذلك بأسلوب سلس رشيق يجمع بين الكتابة العلمية واللغة الأدبية.
لا يحمل الكتاب بين طياته نظريات علمية مُثبتة فقط، بل أيضًا خبرات عملية امتدت عبر عشرات السنين، وأدت لنتائج فعلية في تغيير السلوكيات الإدمانية، كما أن من بين أهداف هذا الدليل المتعددة تعريف للقارئ على مسببات التعاطي والإدمان والمواد المخدرة وتأثيرها، اكتساب المعلومات والمهارات الأساسية في مجال التعامل مع الإدمان.
يعالج 11 طبيباً واختصاصياً نفسياً من خلال هذا الكتاب قضايا الإدمان وما ينجم عنها من سلوكيات وآثار فى غاية الخطورة.
تشكلت مادة الكتاب العلمية عبر برنامج ميداني مختص حمل اسم “الحرية من الإدمان والإيدز”، ضم 38 مركزاً علاجياً وتأهيلياً بسعة 1500 سرير، ومركزاً للوصول للمدمنين وآخر للتدريب، إضافة إلى مزرعة نموذجية.
تركز الدراسات والبحوث المنشورة على طرق التعامل مع السلوكيات الإدمانية، فضلاً عن السعي لمعرفة أسباب تعاطيها ومضاعفاتها. وهي تجمع ما بين النظريات العلمية الدقيقة، فيما يخص قضية الإدمان والتعاطي، وبين المداخل العملية التي ثَبُتت فاعليتها في التعامل مع مشكلات الإدمان والتعاطي، ويمكن أن يستفيد منها المتخصصون وغير المتخصصين لأنها تتناول حقائق علمية عميقة بطريقة عملية مبسطة.
يقول د. إيهاب الخراط في مقدمته: “إن الهدف الخاص من وضع الكتاب أن يكون دليلاً تدريبياً مصمماً خصيصاً لمن يدرسون ويتدربون سعياً للحصول على شهادة معتمدة تؤهلهم للعمل في مجال تقديم المشورة للمدمنين، أو سعياً لأن يكونوا مرشدي تعافٍ أو مهنيي إدمان… إن كل من يسعى لتقديم العون والمساعدة لمن يتصارعون مع السلوكيات الإدمانية بكل أنواعها، سوف يكتسبون، من خلال الاطلاع عليه، قدراً من المهارة والفهم لطبيعة السلوكيات الإدمانية والسبل الفعّالة في التعامل معها… الكتاب لا يحمل بين طياته نظريات علمية مُثْبتة فقط، بل أيضاً خبرات عملية امتدت عبر عشرات السنين، وأدت لنتائج فعلية في تغيير السلوكيات الإدمانية”.
الاعتمادية والإدمان
يققدم الفصل الأول شرحاً للتعريفات المختلفة لكلمات مثل الاستخدام والتعاطي وسوء الاستخدام والاعتمادية والإدمان. كما تطرق الفصل للجدل العلمي القائم حول لفظ “إدمان” واستبدال “الاعتمادية” به لفترة ثم عودة ظهوره ثانية في الدليل التشخيصي والإحصائي للجمعية الأميركية للطب النفسي، الإصدار الخامس DSM – 5.
ويرى الخراط أن هذه “المراوحة” في تناول التعريفات، ليس الهدف منها المعرفة النظرية فقط، لكن أيضاً عرض ما وراء الجدل العلمي من توجهات عملية وتحيزات في الممارسة والتفكير، وحتى يتمكن الدارس من طرح التساؤل العقلي المنظم والبنّاء لهذه المفاهيم، وبما قد يؤثر في نظرته، وطريقة تعامله مع من يعانون من تعاطي المخدرات والسلوكيات الإدمانية.
وذكر الخراط أن المواد المُغيرة للحالة المزاجية تبدأ من الكافيين في الشاي والقهوة، والكحول في النبيذ والبيرة، والنيكوتين في السجائر والشيشة، ولا تنتهي بالأفيونات في الهيروين والأمفيتامين في الماكس، وأشار إلى أن الطبيب قد يصف مُهدئاً نفسياً مثل الفاليوم لبعض المرضى كمرضى القلب أو القلق، أو مسكناً قوياً للألم كالترامادول لمريض كُسِرت ذراعه، أو المورفين لمريض بالذبحة الصدرية. وهذا استخدام مشروع وغير مؤذٍ، بينما الإفراط في استخدام هذه الوصفات الطبية أو استخدام هذه الأدوية دون وصفة طبية هو من دون شك مؤذٍ صحياً، ويندرج تحت تصنيف سوء الاستخدام. أما “التعاطي” فيعد لفظ له دلالات قانونية أساساً، ويُستخدم غالباً لوصف استخدام المواد المحظور حيازتها واستخدامها. لكن كثيراً ما يجري استخدامه لوصف حالات سوء الاستخدام.
مراكز المجازاة في المخ
أما الفصل الثاني من الكتاب فيناقش العوامل المختلفة للتعاطي والإدمان، حيث تشير الأبحاث إلى أن السبب المباشر يتركز في تأثير المواد المغيرة للحالة المزاجية على مركز اللذة “المجازاة” في المخ، بينما تلعب الجينات دوراً أساسياً خصوصاً في كفاءة التحذير الطبيعي من الإفراط في الشرب أو استخدام المواد، فضلاً عن الميل إلى المغامرة والفضول لدى بعض الأفراد، ووجود نوع من العنف الأسري والاجتماعي قد يتصاعد إلى الإرهاب، بالإضافة إلى أن هناك خلفيات اجتماعية وثقافية ومهنية وأخرى وجودية وروحية تتداخل مع الظاهرة.
أشكال وطرق التعاطي
ويتناول الفصل الثالث للكتاب, أشكال وطرق التعاطي وتأثير مختلف أنواع المواد المغيِّرة للحالة المزاجية أو المواد التي تسبب اضطرابات الاستخدام والتي تؤدي إلى الإدمان، كما يتناول مضاعفات استخدامها وآثارها الجانبية وأعراض انسحابها. ويذكر الكتاب أن الفيصل في اعتبار أي مادة مغيِّرة للحالة المزاجية هو تأثيرها على مركز المجازاة في المخ.
تأثير استخدام القنب
كما تعرض الكتاب لاستخدامات نبات القنب الذي يسبب اضطراباً في تقدير المسافة والزمن وبطئاً في طريقة الكلام والحركة واحمرار العينيين. ورغم أن كثيراً من الشباب يستخدمونه للتغلب على الخوف في المواقف الصعبة مثل الامتحانات الشفوية أو اللقاءات مع الجنس الآخر فإنه بعد التهدئة المؤقتة، يزداد كل من الخوف الاجتماعي والقلق بأنواعه ونوبات الفزع أو الهلع. وقد يؤدي القنب إلى الضلالات والهلاوس، وهو يؤدي إلى صعوبات في التنفس والتهابات الشعب الهوائية والسعال المزمن، والإضرار بالقلب والأوعية الدموية بما يزيد من احتمالات الإصابة بالذبحة الصدرية واحتشار القلب واضطرابات الدورة الدموية كافة.
الإدمانات السلوكية
ويناقش الفصل الرابع ما تسمى “الإدمانات السلوكية” وهي التي لا تدور حول مادة بعينها، ويكون محورها سلوك يثير لذة أو متعة ما، مثل إدمان القمار والجنس والطعام والمخاطرة والعمل. ويشير هذا الفصل إلى أن بعض هذه الإدمانات متصل بسلوكيات مركبة ومستحدَثة على الطبيعة البشرية كالقمار، وأخرى تتصل بسلوكيات ضرورية لاستمرار الحياة كالعمل، أو تتعلق باستمرار النوع البشري كالجنس، بينما يشكل إدمان الطعام نوعاً من التطرف في التعامل مع شرط طبيعي وأساسي للبقاء على قيد الحياة.
معلومات الكتاب:
اسم الكتاب: “المخدرات والإدمانات الأخرى”.. ماهي وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
اسم المؤلف: إيهاب الخراط
عدد الصفحات: 304
سنة النشر: 2020
دار النشر: صفصافة للنشر