المتوسط تحت التهديد: تغير المناخ يضع مستقبل البحر الأزرق على المحك
لطالما رسم البحر الأبيض المتوسط صورة ساحرة لشواطئه المشمسة، وغروبه الساحر، ومأكولاته الشهية التي تفيض بزيت الزيتون. هذا البحر، الذي يحتضن 22 دولة تمتد على شواطئه، ليس مجرد مساحة مائية بل هو قلب نابض يربط هويتنا وتراثنا. لكن خلف تلك الصورة الرومانسية يكمن تهديد متزايد بفعل تغير المناخ، ما قد يجعل تلك اللحظات المتوسطية العزيزة ذكرى من الماضي.
ارتفاع الحرارة وتهديد البيئة البحرية
وفقاً لشبكة خبراء المتوسط حول التغير المناخي والبيئي (MedECC)، ارتفعت درجات الحرارة في المتوسط بمعدل أسرع بنسبة 20% من المتوسط العالمي، متجاوزة بالفعل الحد المنصوص عليه في اتفاقية باريس وهو 1.5 درجة مئوية.
“الجهود الحالية ليست كافية، وقد نواجه ارتفاعاً في مستوى سطح البحر بمقدار متر بحلول نهاية القرن.”
النتائج المترتبة على ذلك:
- غرق الأراضي الساحلية الخصبة: مثل دلتا النيل، مما يهدد الأمن الغذائي.
- تدهور النظم البيئية البحرية: بفعل التلوث وظهور أنواع غازية تؤثر على التوازن البيئي.
- زيادة العواصف والفيضانات: كما حدث في فالنسيا بإسبانيا، ما يضع المناطق الساحلية المكتظة بالسكان في خطر دائم.
الحلول التي بين أيدينا
رغم هذا الوضع المقلق، لدينا المعرفة اللازمة لاتخاذ خطوات حاسمة، بفضل جهود المنظمات العلمية مثل MedECC.
إجراءات عاجلة مطلوبة:
- تعزيز التعاون الإقليمي: يجب على الدول المتوسطية العمل معاً لتنفيذ قوانين وإجراءات تقلل من انبعاثات الكربون.
- تبني التكنولوجيا الخضراء: مثل الطاقة المتجددة، وتقنيات تحسين كفاءة استهلاك الموارد.
- إعادة التفكير في السلوك الفردي والجماعي:
- تقليل هدر الطعام واعتماد النظام الغذائي المتوسطي المتوازن.
- توفير استهلاك الطاقة والمياه.
- استعادة النظم البيئية: مثل حماية المستنقعات وزراعة الغابات الساحلية التي تخفف من حدة التآكل والفيضانات.
دعوة للعمل
“لا يمكننا الاستمرار في تجاهل تهديد تغير المناخ. علينا العمل الآن، قبل أن يصبح الضرر غير قابل للإصلاح.”
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ليس هناك “قارب نجاة” يعيدنا إلى بر الأمان إذا فشلنا في التصدي لهذا التهديد.
البحر الأبيض المتوسط هو رمز الحياة والجمال في منطقتنا. الحفاظ عليه مسؤوليتنا جميعاً، من حكومات ومؤسسات وأفراد. فلنتحرك الآن لضمان أن يظل المتوسط كما نعرفه، لنسلمه للأجيال القادمة كما ورثناه.