الجيل السادس (6G): ثورة رقمية تقود المستقبل
في عصر التحول الرقمي السريع، تعد تقنيات الاتصالات جزءاً أساسياً من البنية التحتية العالمية. تبرز خدمة الجيل السادس (6G) كخطوة تالية بعد نجاح تقنيات الجيل الخامس، وهي تمثل تطوراً محورياً له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي والقطاعات العامة والخاصة، بالإضافة إلى الأعمال المصرفية.
ماهي خدمة الجيل السادس؟
يشرح خبير الاتصالات فريد خليل لـ”النهار” أن خدمة الجيل السادس هي “تقنية لاسلكية تعتمد على بنى تحتية متطورة تشمل ترددات عالية جداً من الطيف الراديوي”. ويضيف: “كلما زاد التردد، يمكن نقل المزيد من البيانات، مما يجعل هذه التقنية الأسرع حتى الآن في نقل البيانات الكبيرة. هذه التقنية قادرة على توصيل عدد كبير من الأجهزة وتقليل زمن الاستجابة إلى مستويات شبه معدومة، مما يعزز الاقتصاد الرقمي في عصر تطبيقات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والافتراضي”. كما يشير خليل إلى أن الاتصال السريع أصبح محورياً في جميع التقنيات المحمولة والمتحركة، بدءاً من الهواتف الذكية وصولاً إلى السيارات ذاتية القيادة.
تأثير خدمة الجيل السادس على الاقتصاد
يضيف خليل: “كما ربط الإنترنت العالم ببعضه، وسمح بتشبيك الأنظمة الاقتصادية للدول، ستخلق خدمة الجيل السادس نظاماً بيئياً شاملاً للكثير من القطاعات الصناعية والأكاديمية والحكومية والبيئية والزراعية”. ويؤكد أن الدول التي ستعتمد هذه الخدمة ستحظى بقدرات اقتصادية أكبر وإمكانيات أكثر تطوراً في المجال الرقمي.
ويقول خليل إن نسبة الدول التي تعتمد خدمات الجيل الخامس لا تتجاوز 30%، وهذه الدول تتجه اليوم لاعتماد خدمة الجيل السادس لمواكبة التحول العالمي السريع نحو الاقتصاد الرقمي.
المستفيدون من خدمة الجيل السادس
اليابان تعد رائدة في هذا المجال، حيث أطلقت أول اختبار لخدمة الجيل السادس، وأظهرت النتائج أنها أسرع من خدمات الجيل الخامس بنحو 20 ضعفاً، مع إمكانية وصول سرعة نقل البيانات إلى 100 جيجا بايت في الثانية. عربياً، بدأت الإمارات في تجهيز البنى التحتية لاستيعاب هذه التقنيات الحديثة، مع خريطة طريق لإطلاق الجيل السادس قبل عام 2030. كوريا الجنوبية، من الدول الرائدة في مجال تكنولوجيا الاتصالات، تخطط لإطلاق خدمة الجيل السادس بحلول عام 2028. الصين، من جانبها، تستثمر مبالغ طائلة في تطوير التقنيات المرتبطة بالجيل السادس وتعمل على إطلاق خدمات تجريبية في السنوات القليلة المقبلة.
يقول خليل إن الدول التي تبنت الحوكمة الإلكترونية، مثل الإمارات والسعودية، ستستفيد بشكل كبير من هذه التقنية. ويضيف: “تساعد خدمة الجيل السادس الحكومات في تحسين الخدمات العامة من خلال توفير اتصالات أكثر موثوقية وسرعة، مما يسهل إدارة المدن الذكية، والتحكم بنظم المواصلات العامة، وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية”. كما ستتيح تطبيقات جديدة للأمن والسلامة العامة مثل الكاميرات الذكية وأنظمة المراقبة المتقدمة.
فوائد خدمة الجيل السادس للقطاع الخاص والمصرفي
القطاع الخاص هو المستفيد الأكبر من خدمة الجيل السادس. بحسب خليل، “يمكن لتقنيات الجيل السادس زيادة إنتاجية الشركات وكفاءتها بفضل سرعة الاتصال العالية، مما يسمح بالاعتماد أكثر على التقنية في العمليات اليومية مثل الأتمتة والروبوتات الذكية، وبالتالي خفض التكاليف التشغيلية وزيادة العوائد”. ويضيف: “تحفز هذه التقنية الشركات على الابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة، وتطبيقات متقدمة تعمل بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء (IoT) وتقنيات الاتصال بين الأجهزة (M2M). كما تفتح أسواقاً جديدة أمام الشركات بتمكينها من تقديم خدمات مبتكرة تعتمد على السرعة والموثوقية العالية، مثل الرعاية الصحية عن بعد والسيارات الذاتية القيادة والمدينة الذكية”.
القطاع المصرفي أيضاً سيستفيد من خدمة الجيل السادس، حيث ستساهم في رفع مستوى الأمان في التعاملات المصرفية اليومية من خلال التحقق الفوري والتشفير المعقد. كما ستتيح للمصارف تطوير خدمات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحليل السريع للبيانات الكبيرة، مما يعزز من خدمات الإقراض والتمويل.
في الختام، يمثل الجيل السادس نقلة نوعية في عالم الاتصالات والتكنولوجيا، تفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد الرقمي وتعزز من قدرات الدول والشركات في جميع أنحاء العالم.