إنجاز علمى لـ “جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية”: روبوتات نانويّة حديديّة لقتل الخلايا السرطانية
باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية “كاوست” يشاركون في تطوير أسلاك نانوية حديديّة متعددة الوظائف تقضي على الخلايا السرطانية بهجوم ثلاثي مشترك.
تُعَد الأسلاك النانوية المصنّعة من الحديد والمغلّفة بعقار، من الخيارات الفعّالة لعلاج السرطان، إذ يمكن توجيهها إلى موقع الورم السرطاني باستخدام مجال مغناطيسي خارجي قبل تنشيط آلية مكوّنة من ثلاث خطوات لقتل الخلايا السرطانية.
وتُطلق الأسلاك النانوية -التي اشترك باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في تطويرها- حمولتها من العقار داخل الخلايا السرطانية، في الوقت الذي تُحدث أيضًا ثقوبًا في غشاء الخلية وتوجّه دفقةً حرارية. وإلى جانب قدرة العلاج المرتفعة على قتل الخلايا السرطانية، من المتوقع أيضًا أن تحدَّ طبيعته المستهدفة للغاية من آثاره الجانبية.
“كان بدهيًّا أن تكون الأسلاك النانوية مصنّعة من الحديد”، يقول الدكتور يورغن كوسيل، أستاذ مشارك الهندسة الكهربائية والحاسوبية الذي يشارك في قيادة العمل مع باحثين من مركز البحوث التعاونية في المواد الحيوية في سان سباستيان بإسبانيا، إلى جانب قيادة الفريق البحثي في “كاوست”، الذي يضم البروفيسور بوون أووي، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية، والدكتورة جاسمين مرزبان، أستاذ مشارك في العلوم البيولوجية.
وتأتي سلامة المرضى على رأس أولويات الفريق، يوضح كوسيل هذا قائلًا: “الحديد في شكله الجزيئي مادة طبيعية في أجسامنا، وهو ضروري لنقل الأكسجين. تتكون الأسلاك النانوية من قلب حديدي مَطلي بغلاف من أكسيد الحديد. وقد وافقت الجهات التنظيمية على استخدام المواد النانوية القائمة على أكسيد الحديد في التصوير بالرنين المغناطيسي، وكمكمل غذائي في حالات نقص التغذية”.
وبالإضافة إلى توافقها الحيوي، تُعتبر الخصائص المغناطيسية للمواد المصنّعة من الحديد ميزةً أساسيةً. يشرح الباحث ألدو مارتينيز بانديراس، عضو فريق كوسيل، هذا الأمر قائلًا: “باستخدام المجالات المغناطيسية غير الضارة، نستطيع أن ننقل هذه المواد، ونركّزها في المنطقة المرغوبة، وندوّرها أو نجعلها تهتز، كما فعلنا في هذه الدراسة، بل يمكننا اكتشافها بالتصوير بالرنين المغناطيسي”. وباستخدام مجالات مغناطيسية منخفضة، قام الفريق بتحفيز الأسلاك النانوية بطريقة تفتح غشاء الخلايا المستهدفة، ما سبَّب موت الخلايا السرطانية.
تتمثل الميزة الإضافية في أن الأسلاك النانوية، المكوّنة من قلب وغلاف من الحديد، تمتص بقوة ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة، وترتفع حرارتها في أثناء ذلك. وإذ إن الضوء عند هذا الطول الموجي يستطيع أن يخترق لمسافة بعيدة في الجسم، فيمكن تسخين الأسلاك النانوية باستخدام الليزر الموجه نحو موقع الورم.
ويشرح مارتينيز بانديراس هذه الخطوة قائلًا: “أظهرت الأسلاك النانوية، المكوّنة من قلب وغلاف من الحديد، كفاءةً عاليةً للغاية في التحويل الحراري الضوئي تبلغ أكثر من ٨٠%، والتي تحوّلت إلى جرعة حرارية كبيرة داخل الخلايا”.
ويضيف كوسيل: “إن إمكانيات المواد النانوية المصنَّعة من الحديد تؤهلها لتكون واعدةً جدًّا من أجل صنع روبوتات نانوية طبية حيوية، والتي يمكن أن تُحدث ثورةً في مجال الرعاية الصحية. ورغم أن هذا يبدو أمرًا مستقبليًّا، فالتطورات الحادثة في طريقها لتحقيق ذلك المستقبل”.